والمقتضى للعمل موجود ، لأنّ قوله صدّق العادل ، ينحلّ إلى قضيّة طبيعية بمعنى أنّ الحكم ثابت على كلّما صدق عليه العنوان نظير المستطيع يحجّ ولكن (لو لا المانع الشرعي وهو) أي المانع الشّرعي عبارة عن (وجوب العمل بالآخر) بحيث أنّ العمل بكلّ واحد منهما مانع عن العمل بالآخر (إذ : لا نعني بالمتعارضين إلّا ما كان كذلك) أي كون كلّ منهما حجّة بنفسه ، وجامعا لشرائط الحجيّة ، كذلك ، فكما أنّ دليل انقذ الغريق ، يشمل كلا الغريقين ، إذا كانا مسلمين متساوي الرتبة في الفضل والكمال ، ولكن عجز المكلّف عن انقاذهما مانع ، ولذا يتخيّر بين انقاذ واحد منهما.
هكذا فيما نحن فيه ، فكلّ من الخبرين فيه مقتضى الحجيّة ، ولكن تعارضه مع الغير مانع ، إذ لو لم يكن شيء منهما حجّة في نفسه ، فلا مزاحمة بينهما اصلا ، بل يطرحهما كما لا يجب انقاذ الغريقين إذ كانا كافرين.
وبالجملة فإلغاء أحدهما غير جائز من دون فرق بين أن يكون الدّليل على الحجّية من الأدلة اللفظيّة أو اللّبية.
(وأمّا إذا كان وجود احدهما) أي أحد المتعارضين (مانعا عن وجوب العمل بالآخر) لأنّ وجوب العمل بهذا الدّليل لحجيّته يمنع ذلك ، وبالعكس (فهو) أي فهذا المورد (خارج عن موضوع التعارض ، لأنّ الامارة الممنوعة) كقيام التّواتر على حرمة اعطاء الصّدقة الواجبة على بني هاشم (لا وجوب للعمل بها) أي بهذه الأمارة الممنوعة ، فلا يعطى بهم الصدقة الواجبة (والامارة المانعة أن كانت واجبة العمل) نظير إنّما الصّدقات للفقراء (تعيّن العمل بها) أي بهذه الامارة المانعة (لسلامتها) الامارة المانعة (عن معارضة) الامارة (الأخرى فهي) أي الامارة المانعة (بوجودها تمنع وجوب العمل بتلك) الامارة الممنوعة ، لأنّها حاكمة (وتلك) الامارة الممنوعة لمحكوميّته (لا تمنع وجوب العمل بهذه) الامارة المانعة ، لأنّ الامارة الممنوعة ، لا يكون حاكما ولا واردا على الامارة المانعة ، كما أنّها لا يكون معارضا لها ، كما قال : (لا بوجودها) حتى يكون حاكما أو