تعليل الترجيح بمخالفة العامّة باحتمال التقية في الموافق) يعني بناء على أن يكون الترجيح بها لأجل كشفها عن صدور الموافق تقيّة ، كما هو الوجه الرّابع من الوجوه المتقدّمة الذي قلنا أنّها باعتباره تدخل في المرجّحات من حيث جهة الصدور ، وأمّا بناء على أن يكون الترجيح بمخالفة العامة ، لأجل كشفها عن أقربية مضمون المخالف إلى الحق ، فقد عرفت أنّها بذلك الاعتبار من المرجّحات المضمونيّة ، وسيأتي من المصنّف قده تقديمها على المرجّحات الصدوريّة.
فحكمه قده هنا بتقديم المرجّحات الصدورية عليها ، مبنيّ على كونها من المرجّحات من حيث الصدور (لأنّ هذا الترجيح) أي الترجيح من حيث جهة الصدور (ملحوظ في الخبرين بعد فرض صدورهما).
فوصف الصدور لبيان الواقع أو لغيره تقية أو لغيرها من مصالح اظهار خلاف الواقع بصورة الواقع ، لا يعقل الّا أن يكون صادرا ، وهذا الاعتبار يقتضي أن يكون الترجيح من حيث جهة الصدور ملحوظا بعد الفراغ عن أصل صدور كلا الخبرين المتعارضين (قطعا كما في المتواترين) فلو فرض حصول العلم بصدور خبرين ، وعلم كون احد الخبرين موافقا للعامّة ، وجب العمل بالآخر ولا بدّ من حمل الموافق على التقية والغائه من حيث العمل (أو تعبّدا) أي شرعا (كما في الخبرين) بمعنى حجية كلا الخبرين بالفعل لو لا المعارض لأجل وجود المقتضى للتعبّد في كلّ منهما على حدّ سواء (بعد) فرض (عدم امكان التعبّد) للترجيح (بصدور) خصوص (أحدهما) أي أحد الخبرين معيّنا (وترك التعبّد بصدور الآخر) كذلك بأن دار الأمر بينهما في الأخذ والطرح ، لأجل تنافي مدلولهما ، وعدم إمكان الجمع بينهما ، إذ مع امكان التعبّد باحدهما معيّنا وطرح الآخر كذلك لو حمل احدهما على التقيّة لزم ملاحظة جهة الصدور قبل نفس الصدور.
ومن المعلوم : أنّ التعبّد بجهة الصدور قبل التعبّد بأصل الصدور لغو ،