أي لا يزاحم الرّجحان بحسب الدّلالة (هذا الرجحان أي الرجحان من حيث جهة الصدور) بل الرّجحان من حيث الدلالة مقدّم على جهة الصدور أيضا (فإذا كان الخبر الأقوى دلالة) كلا تكرم النحاة مثلا (موافقا للعامة قدّم على) الخبر (الأضعف) كأكرم العلماء مثلا (المخالف) للعامة (لما عرفت من : أنّ الترجيح بقوّة الدّلالة من الجمع المقبول) بتخصيص العام بالخاص (الذي ، هو) أي الجمع (مقدّم على الطرح) لأنّ الأصل بمقتضى ادلّة اعتبار الاخبار هو التعبّد بصدور كلّ من الخبرين المتعارضين.
وإنّما احتجنا إلى الترجيح بواسطة تنافي مدلولهما ، وعدم امكان الجمع بينهما فحيثما أمكن الجمع بينهما على وجه مقبول عند أهل اللسان لا يبقى مجال للترجيح ، لا من حيث الصدور ، ولا من حيث جهة الصدور وحيث لم يمكن الجمع المقبول والتجأنا إلى طرح احدهما لأجل وجود مرجّح في الآخر فإن كان هذا المرجّح سالما من معارضة مرجّح آخر في الطرف الآخر فهو.
و (أمّا لو زاحم الترجيح بالصدور الترجيح من حيث جهة الصدور بأن كان الأرجح صدورا) ككون راوي أحد الخبرين أعدل (موافقا للعامة) وكون الآخر عادلا لكنّه مخالف للعامّة (فالظاهر تقديمه) أي تقديم الترجيح من حيث الصدور (على غيره) أي على الترجيح من حيث جهة الصدور (وان كان) الغير (مخالفا للعامّة) لتفرّعها على نفس الصدور ، فلا معنى لملاحظة جهة الصدور قبل ملاحظة نفس الصدور ، فإذا أخذنا بالخبر المرويّ عن الأعدل ، وطرحنا الخبر المروي عن العادل ، لا يبقى محل لملاحظة جهة الصدور ، فإنّا لا ننكر كون الحمل على التقية من المرجّحات ، ولكن فرض هذا الترجيح تكافؤ الخبرين من حيث الصدور فهما بمنزلة الخبرين المتواترين لا بدّ أن يؤخذ بالمخالف لبعده عن التقية وأمّا إذا كان الموافق للتقية راويه أصدق أو أعدل فلا تصل النّوبة إلى الترجيح بالمخالفة ، فلا بدّ أن يؤخذ بالأصدق وإن كان موافقا للعامّة (بناء على