والرجوع معه) أي الخبر السليم (الى الأصول) سواء كانت لفظيّة كالعمومات والاطلاقات ، أو عمليّة فأنّ طرح الخبر المعتبر الذي من شأنه أن يخصّص العمومات وأن لا يرجع الى الأصل العملي مع وجوده طرحناه بسبب القياس ، وهذا بلا أشكال عمل بالقياس.
فحرمة العمل بالقياس أعمّ من أن يكون دليلا مستقلا على الحكم ، أو موجبا لطرح المعارض (وأيّ فرق بين رفع القياس) وقوله (لوجوب العمل) متعلّق بالرفع ، واللّام للتقوية أي رفع وجوب العمل (بالخبر السليم عن المعارض) بسبب القياس (وجعله كالمعدوم) يعني كما اذا فرض أنّ هذا الخبر السليم لم يوجد (حتّى يرجع الى الاصل ، وبين رفعه) أي رفع القياس وجواز العمل بالخبرين المتكافئين لأنّ الجميع من واد واحد.
فقوله قده (لجواز العمل) متعلّق برفعه (بالخبر المكافئ لخبر آخر) الذي كان مخالفا للقياس (وجعله كالمعدوم حتى يتعيّن العمل بالخبر الآخر) الذي يكون موافقا للقياس.
(ثمّ) أنّه لو سلّمنا أنّ الترجيح بالقياس ليس عملا به ألّا (أنّ الممنوع هو الاعتناء بالقياس مطلقا) سواء كان تمام المستند أو جزئه (ولذا) أي ولأجل أنّ القياس ممنوع مطلقا (استقرّت طريقة اصحابنا) الاماميّة بل حكى من بعض العامّة (على هجره) أي منعه وعدم جواز الركون اليه (في باب الترجيح) أيضا لغلبة مخالفتها للواقع لقوله عليهالسلام : كان ما يفسده أكثر مما يصلحه (١) وقوله (ع) : ليس شيء أبعد عن عقول الرّجال من دين الله ، وغير ذلك (ولم نجد منهم) أي من الاصحاب (موضعا يرجّحونه) أعني الخبر (به) أي بالقياس ، وقد استفيد ذلك الاجماع من التتبع في طريقة القوم في كتبهم الاستدلاليّة في الفقه.
وما ذكره المحقّق قده في توجيهه ـ من مطروحيّة القياس في مقام الدليليّة
__________________
(١) المستدرك : كتاب القضاء ج ـ ٣ (ص ـ ١٧٤) الرواية : ١٤.