(لأنّا نقول : بمعنى أنّه ليس بدليل لا بمعنى أنّه) أي القياس (لا يكون مرجّحا لأحد الخبرين) فما جعلنا القياس دليلا ، بل مؤيّدا للدليل ، ومرجّحا له ففي الحقيقة الدليل هو الخبر ، لا القياس ، والنهي أنّما يدلّ على عدم الأخذ بالقياس مستقلا بحيث يكون دليلنا هو القياس ، وهنا دليلنا الخبر والخبر دليل شرعي (وهذا ؛ لأنّ فائدة كونه) أي القياس (مرجّحا كونه رافعا للعمل بالخبر المرجوح) ويكون دليلا لطرح الخبر المرجوح فأنّه في الحقيقة دفع للمزاحم فليس عملا به (فيعود) الخبر (الرّاجح كالخبر السليم عن المعارض فيكون العمل به) أي بالخبر الرّاجح (لا بذلك القياس ، وفيه نظر) اذ دليل عدم اعتبار القياس من الاخبار الناهية لا يختصّ في مقام الدليليّة فحسب ، بل أنّ الظاهر من الاخبار الناهية هو عدم الاعتماد به أصلا بوجه من الوجوه من حيث الدليليّة والمرجّحية معا ، اذ الترجيح أيضا عمل به لأنّ هذا الرفع أنّما يتصوّر لو كان حجية الخبر لأجل وصف الظن الفعلي حتّى يرتفع ذلك الظن عنه بموافقة القياس لمعارضه ، ولو لا القياس لم يحصل الظن من الموافق أيضا لفرض تساويهما ، فالعمل بالموافق عمل بالقياس ، لأنّه المحصّل لما هو مناط حجّية الموافق كما أنّ المصنّف قده يذكره بعده ذلك (انتهى) كلامه رفع مقامه.
(ومال الى ذلك) أي الى هذا القول إذا حصل الظن منه بمضمون الخبر الموافق للقياس (بعض سادة مشايخنا المعاصرين) لعلّ المراد به صاحب المناهل ره في كتابه الأصول ، وقد ينسب ذلك الى السيّد ابراهيم ره صاحب الضوابط ، حيث قال في مثل المقام أنّ الشهرة مرجّح ، وأن لم نقل بحجّيتها ، بل وظن القياس ونحوه.
(و) لكنّ (الحقّ خلافه) أي عدم الاعتبار به في مقام الترجيح (لأنّ رفع) وطرح (الخبر المرجوح بالقياس) والأخذ بالخبر الآخر الذي كان القياس موافقا له (عمل به) أي بالقياس (حقيقة كرفع العمل بالخبر السليم عن المعارض