اخبار الترجيح ، فكل مرجح مقدم.
(وقد يستدل على وجوب الترجيح بأنه) أي الشأن (لو لا ذلك) أي وجوب الترجيح ، وجاز التخيير (لاختل نظم الاجتهاد بل) اختلّ (نظام الفقه) وتأسيس أحكام جديدة غير ما بيد العلماء والصحابة من السلف والخلف (من حيث لزوم التخيير بين الخاص والعام و) بين (المطلق والمقيد وغيرها ، من الظاهر والنص المتعارضين) والحال إن جلّ الفقه إن لم نقل كله ثابت بتقييد المطلقات ، نظير حرمة اجزاء الميتة مع أنه استثنى بيضة الدجاجة الميتة ونحوها وتخصيص العمومات كما أنه خارج من : كلما كان دفيفه أكثر من صفيفه فهو حلال (١) الغراب الأسود ، فإنه حرام وساير وجوه المجازات كتقديم النص على الظاهر ونحوه وكل ذلك من باب ترجيح أحد المتعارضين على الآخر.
(وفيه أن الظاهر خروج مثل هذه المعارضات عن محل النزاع) إذ : التخصيص والتقييد ونحوهما ، من وجوه تعارض النص والظاهر خارج عن البحث (فإن الظاهر لا يعد معارضا للنص) بل : لا تكرم النحاة مثلا ، قرينة على أن المراد من : أكرم العلماء ، ما عدا النحاة ، وهكذا العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، لا يعدان من المتعارضين بوجهين (أما لأن العمل به) أي بهذا الظاهر (لأصالة عدم الصارف) أي عدم القرينة (المندفعة بوجود النص) لوروده على الظاهر ، لأن الظاهر حجة عقلا ، ولا يكون حجيته موقوفا عند عدم القرينة ، ولا تعارض بين القرينة وذي القرينة (وأما لأن ذلك) أي النص والظاهر (لا يعد تعارضا في العرف) وان كان التعارض موجودا دقيا عقلا ، نظير : تعارض العام والخاص ، مما أمكن فيه الجمع عرفا.
(ومحل النزاع في غير ذلك) أي في غير العام والخاص والمطلق
__________________
(١) جواهر الكلام : ج ـ ٦ ـ ط القديم في كتاب الأطعمة والأشربة الصنف الثاني من الطيور.