كون حجية الاخبار من باب السببية بتوهم) كون الملاك موجودا في كليهما كما في صورة تزاحم الواجبين و (أنّه لو لا ذلك) أي لو لا حجية الأخبار من باب السببية والموضوعية (لأوجب التوقف) اذ : لو كان اعتبارها على وجه الطريقية المحضة ، لكان مقتضى القاعدة أن يحكم الشارع في المتعارضين منها بالتساقط في مؤداهما كما مر سابقا ، فحكمه بالتخيير يناسب اعتبارها على وجه السببية ، إذ : القاعدة فيهما بناء على اعتبارهما كذلك أنما هو ذلك ، ولكن لا يدل على كون دلالة الاخبار الآمرة بالتخيير في المتعارضين على اعتبارها من باب السببية (لقوة احتمال أن يكون التخيير حكما ظاهريا عمليا) ثابتا كما هو مقتضى الأصل الأولى ، لما مر آنفا بان الاخبار المتواترة قد دلت على عدم التساقط في مقام تعارض الخبرين مع فقد المرجح ، فليس كل واحد منهما حكم واقعي لأجل حدوث المصلحة ، بل ليست حجيتها إلا من باب الطريقية.
والبناء على التخيير حكم ظاهري تعبدي ، سواء قلنا بكون التخيير عقليا كما هو المختار ، كدوران الأمر بين المحذورين كالحلف بوطء الزوجة أو تركها في ليلة معينة ، أو شرعيا ، كاشتباه الواجب بغير الحرام ، نظير : اشتباه الصلاة في جوانب الأربعة ، واكتفى الشارع فيه بالموافقة الاحتمالية لقاعدة نفي الحرج ، أو غيرها من القواعد ، فإن التخيير في مثل هذه الموارد حكم ظاهري عملي ، جعل في موارد الاشتباه ، فيمكن أن يكون حكم الشارع بالتخيير في تعارض الخبرين ايضا من باب الاكتفاء بالموافقة الاحتمالية (في مورد التوقف) فلما كان الملاك هاهنا ، هو الحكم الظاهري ، لذا أمر بالأخذ بأحدهما تخييرا من باب التعبد و (لا) يكون التخيير (حكما واقعيا ناشيا من تزاحم الواجبين) كقوله : أنقذ كل غريق ، حيث أنه مع عدم القدرة على الجمع بين فردين منه في مورد من الموارد ، يحكم بالتخيير العقلي ، لاشتمال كل فرد على المصلحة الملزمة بحيث لا مانع من الاتيان بفردين منه الا عدم القدرة بذلك ، فيكون وجوبه واقعيا ناش عن مصلحة ولم يكن التخيير فيما نحن فيه كذلك (بل الاخبار المشتملة