يقتضيانه بحسب اللغة والعرف) بمعنى انه مع العلم بصدور كليهما يتصرفون في ظاهرهما ، ويأولون كليهما ، لان كلا منهما نص من وجه ، وظاهر من وجه آخر ، فان الاول نص في الجواز وظاهر في الوجوب ، ولا تكرم نصّ في المرجوحيّة وظاهر في الحرمة ، فنتصرف في كليهما ، وتكون النتيجة كراهة اكرام العلماء.
(ولاجل ما ذكرنا) من ان المراد من الامكان ، هو الامكان العرفي لا العقلي.
والدليل على ذلك وجوه.
الاول : (وقع من جماعة من اجلاء الرواة) كزرارة ، ومحمد بن مسلم ، وامثالهما (السؤال عن حكم الخبرين المتعارضين) كما في المرفوعة الآتية : يأتي عنكم الخبران ، او الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ؟ الخ وتحيرهم من حيث كيفية العمل بهما الداعي الى السؤال ، لانه يمكن العمل بهما ، ولو بالحمل على ما لا يظهر فيه اللفظ ، كالجمع التبرعي ، فانه لو كان مقتضى القاعدة هو الجمع العقلي ، لكانت تلك القاعدة مركوزة في اذهانهم ايضا ، فانها على تقدير اعتبارها متخذة من بناء العرف والعقلاء والراوي منهم ، ولم يبق لهم تحير حينئذ لكونها رافعة له على تقدير اعتبارها.
ولذا قال : (مع ما هو مركوز في ذهن كل واحد) من الرواة (من ان كل دليل شرعي يجب العمل به ، مهما امكن فلو لم يفهموا عدم الامكان في المتعارضين ، لم يبق وجه للتحير الموجب للسؤال) بل يعملون بكليهما مع حمل كلّ واحد منهما على خلاف الظاهر.
الثاني : (مع انه لم يقع الجواب) عن الائمة المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين (في شيء من تلك الاخبار العلاجية) الآتية (بوجوب الجمع) بينهما مهما امكن (بتأويلهما معا) بل الجواب أما بالرجوع الى الترجيح ، أو الى التخيير ، أو الى التوقف.
ان قلت : ان موارد تحيرهم وسؤالهم انما هو فيما اذا كان المتعارضان