حتّى نحتاج الى المرجّح.
(ولهذا) أي ولأجل ما ذكرناه (لا يطرح الخبر الواحد الخاص بمعارضة العام المتواتر) اذ : حجية أصالة الظهور ، مقيّد بعدم ورود دليل خاص ، ولذا يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، وقد مرّ بيانه سابقا.
(وان شئت قلت : أنّ مرجع التعارض بين النص والظاهر الى التعارض بين أصالة الحقيقة) أعني أصالة العموم (في الظاهر ، ودليل حجّية النص) فأكرم العلماء ، وأن كان جمعا محلى باللام ، وظاهر في العموم ، ولكن بعد قيام الدليل أعني : لا تكرم النحاة ، لا يجوز التمسك بأصالة عموم : أكرم العلماء ، لأنهما من قبيل النص والظاهر ، فلا يجوز التعبد بصدور أحدهما وظهوره ، وطرح الآخر رأسا ، فلا بدّ من التعبد بصدورهما وطرح ظهورهما ، كما هو مقتضى الجمع لأنّ كلّ واحد منهما خبر عدل ويجب التصديق به أي بصدوره ، ولكن الظهور حجّة مقيّدة بعدم القرينة ، والخاص قرينة على عدم إرادة العموم.
(ومن المعلوم : ارتفاع الاصل بالدليل) فالنص يكون حاكما على الظاهر ، إذ : قد صرّح المصنّف قده سابقا بأنّ النص لا يكون واردا على الظاهر ، إلّا اذا كان قطعيا من جميع الجهات ، بل المقصود الارتفاع حكما ، نظير قوله عليهالسلام : لا صلاة إلّا بطهور (١) ولكن استصحاب الطهارة يجوّز لك الدخول في الصلاة ، ولا يكون الطهارة الواقعية شرطا فيصير الاستصحاب حاكما.
وبالجملة أنّ الترجيح الدلالي مقدّم على الترجيح السندي وجهة الصدوري ، وأنّه لا تعارض بين النص والظاهر ، فانّ الامر دائر فيهما بين أخذ أصالة الحقيقة في الظاهر وطرح سند النص ، وبين جعل الأمر بالعكس أي أخذ سند النص ورفع اليد عن أصالة الحقيقة في الظاهر ، ومن البيّن أنّ رفع اليد عن أصالة الحقيقة في الظاهر أولى من طرح سند النص ، وقد تقدّم أنّ بين الظاهر
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١ ص ـ ٢٦١. (الرواية : ١).