لا يقال : أنّ هذا مستلزم للتفكيك.
لانّا نقول : أنّ هذا التفكيك لا مانع من المصير اليه ، اذ هذا ليس إلّا نظير الحكم بالزوجية باقرارها مع عدم الحكم بكون الزوج الذي أقرّت بزوجيته زوجا لها ، اذا أنكر كونه زوجا ، وفيما نحن فيه لا يضرّ التفكيك بناء على الظاهر ـ وإن كان الحكم في الواقع واحدا ـ فبعد ما دلّ أدلّة الاعتبار على تصديقهما ففي مورد التفارق نعمل بهما ، وفي مورد الاجتماع نقول : بالترجيح.
والحاصل : أنّ في المسألة أقوالا ثلاثة.
أحدها : أن يأخذ أحد الظاهرين ويطرح الآخر مطلقا ، سواء كان لكلّ من المتعارضين مورد سليم عن المعارض ، أم لا؟
ثانيها : الاهمال مطلقا ، بمعنى سقوط الخبرين في مادّتي الاجتماع والافتراق.
ثالثها : التفصيل بين حجّية الاخبار من باب الظن أو التعبد ، فالتبعيض ـ بناء على التعبد ـ جائز ، كما مرّ وجهه ، وأما على الظن فلا يصح.
(وكيف كان فترك التفصيل) بين مادّتي الاجتماع والافتراق (أوجه منه) أي من التفصيل ، اذ : الحكم بطريقية العامين من وجه ، بالنسبة الى مورد الافتراق وعدم طريقيته بالنسبة الى مورد الاجتماع ، ممّا لا ضير فيه ، كما أنّه يلتزم بطريقية المتعارضين مطلقا بالنسبة الى نفي الثالث ، وعدم طريقيّتهما بالنسبة الى مورد التعارض (وهو) أي التفصيل (أوجه من اطلاق إهمال المرجّحات) بمعنى اطراح الآخر بتاتا.
أن قلت : أنّ لا تكرم الشعراء مثلا نصّ في الباقي ، وباصالة الحقيقة يصير نصّا في زيد العالم الشاعر أيضا ، فتخصّص عموم أكرم العلماء به ، كما أنّه يخصّص عموم : أكرم العلماء بلا تكرم النحاة ، فحينئذ لا يجب التوقف والاجمال في مورد الاجتماع والرجوع الى الاصل ، بل الخاص حاكم على العام فيخصّص به فيحرم إكرام زيد المذكور.