فيما سبق بأن نتصرّف في أحد الطرفين لا بعينه ، بحمل الأمر على الاستحباب حتّى يجمع مع ينبغي ، أو بحمل ينبغي على الوجوب حتّى يجمع مع الأمر ، وإلا فالمتّجه هو الرجوع الى المرجّحات ، وأشار اليه بقوله قده قد يفصّل في المسألة بين ما اذا كان لكل من المتعارضين مورد سليم عن التعارض (وبين ما اذا لم يكن لهما) أي للخبرين (مورد سليم) عن التعارض (مثل قوله : اغتسل للجمعة الظاهر في الوجوب ، وقوله : ينبغي غسل الجمعة الظاهر في الاستحباب ، فيطرح الخبر المرجوح رأسا) من حيث السند والدلالة (لأجل بعض المرجّحات) التي تكون موجودا في صاحبه ، فلو كان راوي اغتسل للجمعة أعدل ، يؤخذ به ويسقط الآخر عن درجة الاعتبار.
(لكنّ الاستبعاد المذكور) بقوله : بعيد ، قبل أسطر (في الأخبار العلاجيّة ، أنما هو من جهة : أنّ بناء العرف في العمل باخبارهم) أي باخبار العدول (من حيث الظن بالصدور) يعني أن قلنا : بأنّ حجّية صدور الاخبار من باب الظن لا التعبد (فلا يمكن التبعّض في صدور العامين من وجه ، من حيث مادّة الافتراق ومادّة الاجتماع) لأنّ الترجيح في مورد الاجتماع فقط ، أي زيد العالم الشاعر لا في مورد الافتراق ايضا مستلزم للتفكيك ، وهو خلف جدّا (كما أشرنا سابقا الى : أنّ الخبرين المتعارضين) باقسامه الثلاثة المذكورة (من هذا القبيل) أي يكونان حجّيتين من باب الطريقية ، لا السببيّة والموضوعيّة.
(وأمّا) إذا قلنا : بانّ حجّية صدور الأخبار من باب التعبد فحينئذ في مورد التفارق نعمل بهما معا ، وفي مورد الاجتماع نقول بالترجيح بالاعدلية مثلا ، فنحن متعبّدون أن نعامل معاملة الصدور في مادّة الاجتماع ، بمعنى أنّه لم يصدر واقعا ولكن بمنزلة أن يقال أنّه صدر كما قال : (اذا تعبدنا الشارع بصدور الخبر الجامع للشرائط) بكون الراوي موثوقا ضابطا (فلا مانع من تعبّده) ـ الشارع ـ (ببعض مضمون الخبر دون بعض).