التخيير بين فعل صلاة النافلة : على الأرض ، وبين فعلها في المحمل (ومكاتبة) محمّد بن عبد الله بن جعفر (الحميري) الى مولانا صاحب الامر (ع) عجّل الله تعالى فرجه الشريف (المرويّة في الاحتجاج) (١) (الواردة في التكبير في كلّ انتقال من حال الى حال من أحوال الصلاة) فوقع عليهالسلام في آخر كلامه في مقام الجواب هذه الجملة : وبأيّهما أخذت من جهة التسليم كان صوابا ، حيث حكم عليه الصلاة والسّلام فيهما بالتخيير ، مع أنّ مقتضى الأصل أعني الاشتغال في الأولى هو الصّلاة على الأرض ، ومقتضى الأصل أعني البراءة في الثانية :عدم وجوب التكبير ، فهذه المكاتبة والمكاتبة السابقة كانتا دالتين على حكم المسألة بالصراحة.
ويظهر منهما : ان لا اعتناء في نظر الشارع بالاصل في المتعارضين وأنّ الحكم فيهما هو التخيير.
(وممّا ذكرنا ظهر فساد ما ذكره بعض من عاصرناه) الذي قد عبّر عنه بالمتوهم في عبارته السابقة
(في تقديمه الموافق للاصل على المخالف) من وجوه.
الأوّل : (من أنّ العمل بالموافق موجب للتخصيص فيما دلّ على حجّية المخالف ، والعمل بالمخالف مستلزم للتخصيص) أي مستلزم للتخصيصين تخصيص دليل الحجية (فيما دل على حجية الموافق وتخصيص آخر) أعني الأصل (فيما دل على حجية الأصول).
وبعبارة أخرى : أنّ العمل بالخبر الموافق للأصل موجب لتخصيص واحد فقط ، وهو طرح المخالف ، ولكنّ العمل على طبق الخبر المخالف موجب لطرح الأصل والخبر ، وارتكاب تخصيص واحد أهون من ارتكاب تخصيصين.
(و) الثاني : وهو (أنّ الخبر الموافق يفيد ظنّا بالحكم الواقعي ، والعمل
__________________
(١) ج ـ ٢ ص ـ ٣٠٤.