الاخذ بواحد منهما على سبيل القدر المتيقن ، فلازمه وجوب التعبد بظاهره.
فاذا اخذنا غير المتيقن سندا فيزاحم ظهور ذلك القدر المتيقن ، والتعبد بالظهور يمنع عن ذلك.
واذا اخذنا بالتعبد بظهور المتيقن فهو يمنع عن التعبد بذلك الزائد على المتيقن ، فنعلم اجمالا اما لزوم مخالفة الظهور ، او مخالفة الاخذ بالصدور.
ثم شرع بالاعتراض الثالث ، بقوله : (واضعف مما ذكر) في الاعتراض الثاني (توهم قياس ذلك) أعني ما نحن فيه وهو تعارض الظاهرين (بما اذا كان خبر بلا معارض لكن ظاهره) أي ظاهر الخبر (مخالف للاجماع) (١).
مثلا : اذا قام خبر ظاهره ، وجوب الاذان ، كقوله (ع) اذا اردت ان تصلي فأذّن واقم (٢) وقام الاجماع على عدم وجوب الاذان (فانه) أي الشأن (يحكم بمقتضى اعتبار سنده) أي سند الخبر (بارادة خلاف الظاهر من مدلوله) أي الخبر الظني ، فلا نطرح السند بل نأخذ به ، ونؤوّل ظاهره بسبب قيام الاجماع.
ولكن ما نحن فيه لا يقاس على ما ذكره المتوهم ، لان ما ذكره المتوهم لا يمكن فيه الاخذ بظاهر الخبر وطرح الاجماع ، لانه قطعي ، وما نحن فيه ليس كذلك اذ : يمكن ان نعمل وجوب التعبد في ظاهر المتيقن ، ونطرح سند الآخر ، وبالعكس كما قال قده.
(لكن) هذا التوهم ليس في محله لانه (لا دوران هناك) أي في كلام
__________________
(١) ومن الأدلة الأربعة الاجماع ، وهو على قسمين قولي ، وعملي ، أما القولي فهو عبارة عن اتفاق الفقهاء في مقام الفتوى والحكم بشيء كاطباقهم على أن كل نجس منجس مثلا ، وأما العملي فهو عبارة عن اتفاق الفقهاء في مقام البناء والعمل بشيء كاتفاقهم على العمل بخبر الواحد وان اختلفوا في حجيته من حيث الفتوى والاجماع هنا قولي.
(٢) الوسائل : الجزء ٤ ص ٦٥٧ (الرواية : ٣) وفي بحار الأنوار ج ـ ٨٤ ص ـ ١٠٨.