العمل به مبرئ يقينا ، أما من جهة أنه العمل بأحد فردي التخيير ، وأما لأنّ العمل به متعين لأجل وجود المرجح.
ولذا قال المصنف ره (وجب التزام ما احتمل تعيينه) كما إذا علمنا بتعلق الوجوب بالاطعام وشككنا في أنه واجب تعيينا أو تخييرا بينه وبين الصيام ، نحكم بوجوب الاطعام لأنه قطعا مجز ، بخلاف بدله ، إذ يمكن أن يكون لغوا غير مأمور به.
(المقام الثاني : في ذكر الأخبار الواردة في أحكام المتعارضين وهي أخبار ، الأول) وهو أحسن ما في الباب جمعا للمرجحات (ما رواه المشايخ الثلاثة) أعني محمدين الثلاثة مؤلّفي الكتب الأربعة ، وهم محمّد بن يعقوب الكليني ، ومحمّد بن علي بن بابويه الصدوق ، ومحمّد بن الحسن الطّوسي قدّس الله اسرارهم (باسنادهم عن عمر بن حنظلة (١) قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام : عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين ، أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان ، أو إلى القضاة) من نحو شريح القاضي ، ويحيى بن أكثم (أيحلّ ذلك؟ قال عليهالسلام : من تحاكم اليهم) ويلحق بهم من ليس له أهلية القضاء لعدم جامعيته للشرائط ـ ولو كان من الشيعة بل من الاثني عشرية ـ (في حقّ أو باطل ، فإنما تحاكم إلى الطاغوت) مصدر طغيان ، نظير ملكوت مصدر ملك بمعنى ذو الطغيان على جهة المبالغة في الصفة ، فكل ما عبد من دون الله فهو طاغوت ، والمراد هنا من يحكم بالباطل ويتصدى للحكم ولا يكون أهلا له ، سمى به لفرط طغيانه أو لتشبهه بالشيطان أو لأن التحاكم إليه تحاكم إلى الشيطان ، من حيث أنه الحامل عليه ، والآية الكريمة بتأييد الخبر تدل على عدم جواز الترافع إلى حكام الجور مطلقا (وما يحكم له ، فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقه ثابتا).
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٨ (ص ـ ٧٥). (الرواية : ١) والكافي ج ـ ١ ص ٦٧ (الرواية : ١٠)