نعم يستثنى منه ما إذا توقف التوصل إلى الحق على التحاكم إليهم ، أو إذا كان في مقام التقية ، وغير ذلك من الأعذار المجوّزة (لأنه أخذ بحكم الطاغوت ، وإنما أمر الله أن يكفر به ، قال الله تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ، وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)(١) قلت : فكيف يصنعان) أي المترافعان (قال : ينظر أن من كان منكم) يعني من الشيعة الاثني عشري (ممن قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا).
هذا ـ بالنظر إلى أزمنة ظهور الامام عليه الصلاة والسلام ـ ظاهر ، فإن المرجع في الحلال والحرام في أزمنتهم كان من رواة الأحاديث لا محالة ، وإن كان له ملكة الاستنباط (وعرف أحكامنا) وهم المجتهدون في أمثال زماننا (فليرضوا به حكما ، فإنّى قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه ، فإنما بحكم الله استخف ، وعلينا قد رد ، والراد علينا) في الحكم الفاصل للخصومة الصادر ممن جعله الامام عليهالسلام حاكما ك (الراد على الله) لأن لازم نصب الحاكم ، هو الأمر بلزوم طاعته ، فالله تعالى نصب رسول الله والأئمة عليهمالسلام سلطانا على العباد وأوجب طاعتهم وأبو عبد الله عليهالسلام نصب الفقهاء حاكما عليهم ـ من حيث كونه سلطانا.
فحينئذ يكون ردّ الحاكم المنصوب من قبله ردّا عليهم وردّهم ردّ على الله تعالى (وهو على حد الشرك بالله ، قلت : فإن كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا) بمعنى أن كل رجل من المتداعيين يختار حاكما غير ما يختاره الآخر (فرضيا) أي المتخاصمان بالحاكمين (أن يكونا الناظرين في حقهما) أي في حق المتخاصمين ، ومن باب الاتفاق اختلف الحاكمان (فاختلفا فيما حكما) أي فيما حكم الحاكمان بأن قال أحدهما ـ مثلا ـ الزوجة ترث من رباع الأرض ، والآخر
__________________
(١) النساء : ٦٠.