والآخر محمد بن مسلم ، وهما متساويان في الرتبة مثلا.
(وقبل الشروع في بيان حكمهما) أي حكم صاحب المزية والمتكافئين (لا بد من الكلام في القضية المشهورة) بين الفقهاء والاصوليين (وهي) أي القضية المشهورة (ان الجمع بين الدليلين مهما أمكن أولى من الطرح).
والمراد بالجمع هو الجمع بحسب الدلالة بين الخبرين بناء على صدور كليهما ، وفرضهما كمقطوعي الصدور ، والتصرف في كلتا الدلالتين او الاخذ باحدى الدلالتين والتصرف في الاخرى ، بحيث يرتفع التنافي بينهما.
وهذا القسم من الجمع ، انما هو في طرق الاحكام ، وسماه بالجمع الدليلي ، والدلالي ، والعرفي ، اذ العرف يرجحون الجمع ، فيكون اعتبار سندهما في نظر اهل العرف قرينة على التصرف في ظاهرهما ، كما اذا ورد : لا تأكلوا الجبن ، وورد خبر آخر لا بأس بأكل الجبن ، فان : لا تأكل نص في المرجوحية ، ولكنه ظاهر في الحرمة ، و : لا بأس ، نص في الجواز وظاهر في الاباحة ، فنأخذ النص من كل منهما ، ونتصرف في ظهور الآخر ، فالحكم المستفاد منهما هو الكراهة ، او يتصرفون في العام بما يوافق الخاص نظير : اكرم العلماء ، ولا تكرم النحاة ، والمراد من الامكان هو الامكان العرفي على وجه لا يوجب الجمع بين الدليلين خروج الكلام عن قانون المحاورات العرفية فلا بد من الجمع بين الدليلين على وجه لا يبقى العرف متحيرا في استكشاف المراد من الدليلين من ان يكون احدهما واجد المزية تكون قرينة عرفية على التصرف في الآخر.
والمراد بالاولوية هنا انما هو التعين واللزوم ، لا الرجحان ، كقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ)(١) وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم غدير خم : ألست أولى بكم من انفسكم (٢).
__________________
(١) الأنفال : ٧٥.
(٢) الغدير ج ١ ص ٢١٧ ـ الطبعة الثالثة.