ظاهرهما التعارض ، يجب عليك أولا البحث عن) استفادة (معناهما وكيفية دلالة الفاظهما) على أي شيء تدل ، هل المراد عموم او خصوص؟ (فان امكنك التوفيق بينهما) بان تجمع بين الدليلين (بالحمل على جهات التأويل ، والدلالات فاحرص عليه) أي على هذا الجمع (واجتهد) «كوشش كن» (في تحصيله) الجمع (فان العمل بالدليلين مهما أمكن).
والمراد على ما يظهر من كلامه هو الامكان الاعم من العقلي (خير من ترك احدهما وتعطيله) قوله : (باجماع العلماء) متعلق بخير ، فاذا ورد اكرام العالم واجب ، ومن تركه دخل النار ، وورد ايضا : اكرام العالم محرم ، ومن فعله دخل النار ، يؤخذ بكلا الدليلين ، ويحمل احدهما على العالم العادل ، والآخر على العالم الفاسق مثلا.
وهذا جمع عقلي ويسمى جمعا تبرعيا أيضا (فاذا لم تتمكن من ذلك) الجمع (ولم يظهر لك وجهه ، فارجع الى العمل بهذا الحديث (١) ، واشار بهذا) أي بقوله هذا الحديث (الى مقبولة عمر بن حنظلة ، انتهى) كلام الحاكي عن ابن ابي الجمهور.
وهذا كما ترى تصريح بقيام الاجماع على وجوب الجمع على الوجه الذي قرره.
(واستدل) مبني للمفعول (عليه) أي على أولوية هذا الجمع بوجهين (تارة : بان الاصل في) كل واحد من (الدليلين) هو (الاعمال) لان الاصل حجية قول العادل ، وصدق العادل ، يشمل كلا الخبرين وحيث لا يمكن العمل بهما بمدلولهما المطابقي ، يعمل بهما بحسب الامكان ، وهو يحصل بالجمع بينهما بما امكن ، لانه مقتضى الاصل المذكور (فيجب الجمع بينهما مهما امكن) لانه لو لا وجوب الجمع بينهما مهما امكن ، للزم اما طرحهما وهو خلاف الاصل ، او
__________________
(١) عوالي اللئالي ؛ ج ـ ٤ ص : ١٣٦.