نفسيّان فلا بدّ له من العمل بهما بقدر الامكان ، والقدر الممكن له أحد الأمرين.
أما التخيير بين العمل بهما.
أو العمل ببيّنة زيد مثلا في نصف الدار ، والعمل ببيّنة عمرو في النصف الآخر ، ولا أولوية لأحدهما على الآخر عقلا.
نعم لو قلنا : أنّ في الحقوق المتزاحمة بناء الشرع على الجمع دون التخيير الموجب لحرمان أحدهما عن حقه بالمرة كما يستفاد من رواية الدّرهم والدّرهمين الماضية في الوديعة وغيرها في أبواب أخر ، كان هذا دليلا واردا على ما يقتضيه قاعدة تزاحم الأسباب والتكاليف.
وبالجملة (فجعل احدهما) أي احدى البيّنتين (مانعا دون الآخر لا يحتمله لعقل) إذ لا يتصور المانعية لأنّ كلاهما فيه مصلحة كالغريقين.
(ثمّ أنّه) «الشأن» (يظهر من السيّد الصدر الشارح للوافية الرجوع في) الخبرين (المتعارضين من الأخبار إلى التخيير أو التوقف والاحتياط وحمل) السيّد الصدر قده (أخبار الترجيح على الاستحباب ، حيث قال بعد ايراد الاشكالات على العمل بطاهر الأخبار) وقوله : (إن الجواب) ـ مقول للقال ـ (عن الكل ما أشرنا إليه ، من أنّ الأصل التوقف في) مقام (الفتوى ، والتخيير في) مقام (العمل ، إن لم يحصل من دليل آخر العلم بمطابقة أحد الخبرين للواقع ، وأنّ الترجيح هو الفضل والأولى) انتهى كلامه رفع مقامه.
(ولا يخفى بعده) أي بعد كلام السيّد المذكور قده (عن مدلول أخبار الترجيح) فالقول بحمل أخبار الترجيح على الاستحباب منه بعيد غايته.
(وكيف يحمل الأمر بالأخذ بما يخالف العامّة وطرح ما وافقهم على الاستحباب ، خصوصا مع التعليل بأنّ الرشد في خلافهم ، وأنّ قولهم) أي قول العامّة (في المسائل مبني على مخالفة أمير المؤمنين عليهالسلام فيما يسمعونه منه) وكان معاوية يرسل أصحابه إلى أصحاب أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام