طرح احدهما وترجيح الآخر بلا مرجح ، وهو خلاف العقل (لاستحالة الترجيح من غير مرجح) فيجب الجمع بينهما مهما أمكن.
(و) استدل على اولوية هذا الجمع مرة (اخرى) بقول العلامة قده ، في محكى النهاية (بان دلالة اللفظ على تمام معناه اصلية ، وعلى جزئه تبعية) (١) (وعلى تقدير الجمع يلزم اهمال) وترك (دلالة تبعية ، وهو اولى مما يلزم على تقدير عدمه) أي عدم تقدير الجمع (وهو : إهمال دلالة اصلية) بمعنى دوران الامر بين رفع اليد عن ظاهر دليل : لا تكرم العلماء مثلا ، بالكلية اصلا وتبعا أعني الطرح والاخذ بالآخر ، وبين رفع اليد عن خصوص الدلالة الاصلية فيهما أعني ابطال الاصلين من دليل : اكرم العلماء ودليل لا تكرم العلماء ، والعمل بدلالة التبعية فيهما بحملهما على المجاز بعد القرينة الصارفة بحمل احدهما على العدول ، والآخر على الفسّاق ، ولا ريب ترك دلالة تبعية أولى من ترك دلالة اصلية ، لانه اذا انتفت الاصلية ، تتبعها التبعية لا محالة في الانتفاء.
وبعبارة اخرى اكرم العلماء دلالته الاصلية ، تقتضي اكرام كلا النوعين العدول والفساق ، فالاخذ بالتبعية أي حمل العلماء على العدول أولى من ترك
__________________
(١) المشهور على ما بين في المنطق ، أن الدلالة الوضعية اللفظية على اقسام ثلاثة ، الأول : المطابقة أو دلالة القصد ، الثاني : التضمن أو دلالة الحيطة ، الثالث : الالتزام أو التطفل ، وقال بعض بأن الدلالة الوضعية تنقسم إلى قسمين ، الدلالة الأصلية ، وهي تكون في الألفاظ التي لأجلها مباشرة وضعت لمعانيها ، والتبعية كما استدل الكاتبي وشارح حكمة الاشراق بأن التضمن والالتزام تابعتان للمطابقة ، ويسمونهما تبعية ودلالة المطابقة أصليّة ، قال الحكيم السبزواري قده في المنظومة :
دلالة اللفظ بدت مطابقة |
|
حيث على تمام معنى وافقة |
وما على الجزء تضمناً وسم |
|
وخارج المعنى التزام أن لزم |
واستلزما الأولى بلا عكس كما |
|
بينهما بالذات لاتلازما |