فالنّظر إلى الواقع لا إلى الطريق و (مثل ما سيجيء من كلماتهم في الترجيح بالقياس).
ومن المعلوم ليس المراد أنّه يجوز الترجيح بالقياس ، بل الكلام في مفهوم هذه الكلمة أعني الترجيح بالقياس ، ولا إشكال أنّ القياس على تقدير كونه مرجّحا ، مرجّح خارجي يحصل الظن به إلى الواقع ، لا أنه يقوّي الدّليل ، غاية الأمر أنّا لا نعمل بالقياس في مقام الترجيح ، وليس الكلام في حكمه من حيث الحرمة والجواز بل معنى هذه الكلمة فقط ، ولا إشكال أنه مرجح خارجي ، لا مرجح صدوري ، وهكذا مثل الأولوية والشهرة الفتوائية ، فإنه لا يتقوّى به الدليل بل ناظر ، إلى المدلول ، والحكم الواقعي فإذا وافق القياس مع أحد الخبرين فهو مورث للظن الفعلي ، لا من حيث الدليلية بل من حيث المدلول وهو الحكم الواقعي إلّا أن يقوم دليل على عدم كونه مرجّحا ، كما أنّه ليس بدليل.
(ومثل الاستدلال على الترجيح بموافقة الأصل بأن الظن في الخبر الموافق له أقوى) مثلا : إذا فرضنا وردت روايتان بحرمة أكل الغراب وحليته ، فنأخذ بالثّاني للأصل ، وهو كل شيء لك حلال (و) نظير الاستدلال (على الترجيح بمخالفة الأصل) ففي المثال المذكور أصل البراءة العقليّة أو النقليّة ناظر ، إلى الحكم الواقعي ، ولو كان ثانويّا وليس مؤيّدا للدليل الدال على الحليّة من حيث الصدور أو جهة الصدور (بأنّ الغالب تعرّض الشارع لبيان ما يحتاج إلى البيان) وهو جانب الحرمة وأمّا الموافق للأصل فلا يحتاج إلى البيان (واستدلال المحقّق قده على ترجيح أحد) الخبرين (المتعارضين بعمل أكثر الطائفة بأنّ الكثرة إمارة الرجحان والعمل بالراجح واجب) فإنّ حكم المشهور إنّما يكون أقرب لقلّة احتمال الخطأ الموجود في فتوى النادر ، وهذا ليس ناظرا إلى حيث الطريقية والسند ، بل من حيث نفس الحكم الواقعي (وغير ذلك مما يجده المتتبّع في كلماتهم) كموافقته للأولوية الظنّية والغلبة (مع أنّه يمكن دعوى حكم العقل بوجوب العمل بالأقرب إلى الواقع فيما كان حجّيتهما) أي الخبرين