قلنا : (وأمّا ما ذكرنا في وجهه) أي وجه إطلاق إهمال المرجّحات والتوقف (من عدم جواز طرح دليل حجّية أحد الخبرين لاصالة الظهور في الآخر ، فهو) أي ما ذكرناه (أنّما يحسن اذا كان ذلك الخبر) كلا تكرم النحاة مثلا (بنفسه قرينة على ارادة خلاف الظاهر في الآخر) كاكرم العلماء ، وهكذا في الأظهر والظاهر فكما أنه اذا قيل : أكرم العلماء الا النحاة ، لا تعارض بينهما ، هكذا اذا ذكر كلّ منهما منفصلا ، والمراد بنفسه عدم الاحتياج الى دليل خارجي (وأمّا اذا كان) ذلك الخبر (محتاجا الى دليل ثالث يوجب) هذا الدليل (صرف أحدهما) أي أحد المتعارضين عن ظاهره (فحكمهما) أي حكم الخبرين المتعارضين (حكم الظاهرين المحتاجين في الجمع بينهما الى) تأويل كليهما والى (شاهدين في أنّ العمل بكليهما مع تعارض ظاهريهما يعدّ غير ممكن) يعني بعد ورود : اغتسل ، وينبغي لو ورد دليل ثالث مثلا : من ترك غسل الجمعة فله نار جهنم ، فهو موجب لطرح ينبغي ، فلا يحتاج الى الجمع بينهما الى التصرّف في أحد الطرفين لا بعينه (فلا بدّ من طرح أحدهما معيّنا للترجيح او) طرح أحدهما (غير معيّن للتخيير) أن لم يكن مرجّح في البين.
أن قلت : في صورة تعارض الظنيين يكون : صدّق العادل في قوة قوله : الغ احتمال الخلاف ، ونزّل منزلة العلم ، فحاله حال تعارض الخبرين القطعيّين من حيث الصدور ، في أنّه يؤخذ فيه بالتأويل أن كان مما يساعد عليه العرف من الأوّل.
قلت : (ولا يقاس حالهما) أي حال مظنوني الصدور (على حال مقطوعي الصدور في الالتجاء) أي الاضطرار (الى الجمع بينهما) لأنّ القطع بالصدور في كلّ واحد يصير قرينة على تأويل الآخر وصرفه عن ظاهره ، فلا بدّ من الجمع بينهما بتأويل كليهما ، بخلاف الخبرين المظنوني الصدور ، فانه لا وجه للجمع بينهما بالبناء على صدورهما لتكون النتيجة الاجمال ، بل الاولى طرح احدهما معيّنا للترجيح أو غير معيّن للتخيير (كما أشرنا الى دفع ذلك) عند نقل كلام ابن