(وقد يتوهّم : أنّ ما دلّ على ترجيح) (١) (التخيير مع تكافؤ الخبرين معارض بما دلّ على الأصول الثلاثة) لأنه إذا شك في زمان الغيبة في وجوب صلاة الجمعة ، فمقتضى الاستصحاب معاملة الوجوب.
وورد خبران أحدهما وجوب صلاة الجمعة ، والآخر عدم وجوبها ، فمقتضى التخيير جواز الأخذ برواية عدم الوجوب ، فهذا يعارض دليل الاستصحاب أعني : لا تنقض اليقين بالشك.
وهكذا إذا ورد خبران أحدهما حرمة الغراب الأسود ، والثاني حلّيته فمقتضى قاعدة التخيير الأخذ بأحد الخبرين فنأخذ بخبر الحرمة ، وهذا معارض مع دليل البراءة وهو : كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام (فانّ مورد الاستصحاب) هو الحكم ببقاء الحالة السابقة المتقدّمة مع (عدم اليقين بخلاف الحالة السابقة ، وهو) أي اليقين والشك (حاصل مع تكافؤ الخبرين) فكيف نلتزم بعدم الترجيح بالأصول الثلاثة؟ فالأخذ بقاعدة التخيير المعارضة لأدلّة الأصول ، ترجيح بلا مرجّح.
(ويندفع) هذا التوهم (بان ما دل على التخيير حاكم على الأصل) لأنّ دليل التخيير يعيّن الأخذ بأحد الدليلين ، ونتيجته ثبوت الدليل على الحكم ، وهذا حاكم على موضوع الأصول ، لأنّ موضوعها عدم الدليل (فإنّ مؤدّاه) أي
__________________
(١) وقد علّق بعض المحشين ره هنا ما هذا لفظه ـ لفظ الترجيح هنا حري بالسقوط ولكنّه موجود في النسخة الاخرى ـ ولعل الوجه في أولوية سقوطه عدم وجود معنى صحيح للترجيح هنا ، إذ المعارضة إنّما هو بين اخبار التخيير ، وأدلّة الأصول ، ولا دليل على رجحان الأولى على الثانية ، فعلى هذا لا يبقى معنى لمعارضة ما دل على ترجيح التخيير بما دل على الأصول.
نعم سيأتي في كلام المصنّف قده وجوه لترجيح التخيير على أدلّة الأصول ولكنّها وجوه اعتبارية غير ثابتة الاعتبار ، ولا معنى لمعارضتها مع أدلة الأصول.