(قلت : لا معنى للتعبّد بصدورهما) أي بصدور الخبرين (مع وجوب حمل احدهما المعيّن على التقية).
إذ معنى البناء على الصدور ، هو العمل به وترتيب الأثر عليه.
ومعنى الحمل على التقية أنّه لا يعمل بالخبر الموافق للعامّة فليس مضمونه حكم الله الواقعي فلا معنى للحجية والتعبّد ، وهذا معنى قوله : (لأنه الغاء لأحدهما في الحقيقة) لأنّ معنى الحمل على التقيّة الغاء الخبر الموافق من حيث العمل فلا يعمل به وحينئذ يصير مضمون الخبر الموافق كسراب بقيعة ليس حكما واقعيّا.
فدعوى : أنّ الأصل في الخبرين الصدوران كانت مع قطع النظر عن ورود
__________________
ـ تتمة الهامش من الصفحة ٣٤٤
هذا المرجّح في الظنيين رأسا ولو لم يكن له معارض من المرجّحات ، أو تقديمه على مرجّحات السند قطعا لوضوح أنّ الخبر الموافق للعامّة لا يخلو في الواقع ونفس الأمر أمّا صادر عن الامام «ع» فيدخل تحت قوله عليهالسلام : ما سمعت منّي يشبه قول الناس ففيه التقية ، وأما غير صادر فلا معنى للتعبّد بالكاذب غير الصّادر ، فكيف يتعقّل العمل به عند التعارض.
وتوضيح المقام : أنّ موافقة العامة أمّا من المرجّحات الخارجيّة بناء على غلبة الباطل في اخبارهم واحكامهم ، أو من المرجّحات الجهتيّة الباعثة على حمل الكلام الصادر من الامام «ع» على التقية ، ولا اشكال في تقديمها على الصفات الخ ، وحكى عن الوحيد البهبهاني قده ـ بعد ما اختار تقديم مرجّح الجهة على غيرها ـ أنّه جعل من جملة عيوب المقبولة ذكر مخالفة العامّة بعد الصفات ، حيث كان فساده عنده من الواضحات التي توجب سقوط الخبر عن الاعتبار هذا مع استقرار طريقة العلماء فيما عثرناه على خلافه ، لأنّهم يقدّمون مخالفة العامة على موافقتهم من غير ملاحظة المرجّحات السندية وجود أو عدما حتى لو كان الخبر مستفيضا يحملونه على التقية عند التعارض.
وحاصل ما أفيد في وجه هذا القول : أنّ وجود المرجّح في الجهة يدخل ذيها في ـ