المفتي له كما أنه يجب على المقلد الأخذ بما يستنبطه المجتهد من الدليل ، ولا يجوز له العمل بما فهمه ، وعليه فلا عبرة بنظر المقلد (وكذا) أي كعدم العبرة بنظر المقلد (لو فرضنا تكافؤ قول اللغويين في معنى لفظ الرواية) أو الآية فلو استند المجتهد الى قول اللغوي ورجح قول بعضهم ، ففي قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(١) مثلا : صاحب الصحاح فسر معنى الصعيد بالتراب الخالص ، وصاحب القاموس بمطلق وجه الأرض ، وهما متكافئان عند المجتهد ، وكان عند المقلد صاحب القاموس أبصر بمواضع اللغات وأرجح بنظره من صاحب الصحاح (فالعبرة بتحير المجتهد ، لا تحير المقلد) فالمقلد يجب أن يأخذ بما أخذه مجتهده ، لأن التخيير في المسألة الاصولية وظيفة المجتهد ، لا المقلد (بين حكم يتفرع على أحد القولين و) حكم (آخر يتفرع على الآخر) فالحكم الذي هو جواز التيمم على مطلق وجه الأرض يبتني على قول اللغوي ، وتعين التراب الخالص في التيمم يتفرع على قول لغوي آخر ، ففي هذا المورد التخيير عند التكافؤ عند المجتهد لا المقلد (والمسألة محتاجة الى التأمل) لأنه في بعض الصور قد يكون من مراجعة العالم الى الجاهل ، لان معيار التقليد هو : رجوع الجاهل الى العالم ، وفيما فرضناه لو كان المقلد ممن له خبروية باللغة ومعرفة بحال اللغويين وكان نظره مخالفا مع نظر المجتهد في معنى لفظة الصعيد الذي يترتب عليه الحكم الشرعي ففي مثل الفرض وجوب الرجوع الى المجتهد مشكل جدا (وأن كان وجه المشهور) بأخذ المجتهد التخيير ويأمره بالتخيير (أقوى) ولا عسر ولا حرج في ذلك على المقلد ـ وأن كان عاميا ـ لأن الذي يجب أتباعه أنما هو رأي المجتهد أي ما استنبطه المجتهد من الادلة الشرعية ، أو ما اختاره في مقام عمله عند تعارض الادلة وتساويهما فاذا رأى المجتهد تكافؤ الخبرين وأن الحكم عند تكافؤ الخبرين التخيير ، وأخذ المجتهد بأحد
__________________
(١) النساء : ٤٣.