التخيير الاستمراري (الى المحققين) بل الى المشهور.
واستدل له (ـ لما عن النهاية ـ من أنه ليس في العقل ما يدل على خلاف ذلك) أي لم يكن مانع عقلا بعد إحراز المقتضى في حكم الشارع ، ولو باستصحاب التخيير (ولا يستبعد وقوعه) أي وقوع التخيير استمرارا (كما لو تغير اجتهاده) أي أن ظهر الخلاف للمجتهد في رأيه فعدل عن الحكم بوجوب الجمعة مثلا الى حرمتها ، فيعمل بالأخير ، فكما أنه يجوز له أن يعمل برأي السابق في الزمان الأول ، وبالأخير في الزمان الثاني ، هكذا فيما نحن فيه يأخذ تارة بهذا الخبر ، وأخرى بذاك.
اللهم (إلا أن يدل دليل شرعي خارج) كالاجماع ونحوه (على عدم جوازه) أي التخيير الاستمراري ، نظير : تزوج هندا أو أختها ، فانه تخيير ابتدائي (كما روي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال لأبي بكر : لا تقض في الشيء الواحد بحكمين مختلفين) (١) انتهى ما عن النهاية.
(اقول : يشكل الجواز لعدم الدليل عليه) أي الجواز (لان دليل التخيير ، أن كان الاخبار) مثل قوله (ع) : بايهما أخذت من باب التسليم وسعك (٢) وكما في رواية ابن الجهم ، فاذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت (٣) ونظائرهما (الدالة عليه) أي التخيير (فالظاهر أنها) أي الاخبار (مسوقة لبيان) حكم (وظيفة المتحير في ابتداء الامر) لان للمكلف شكين أحدهما الشك في وظيفته عند مجيء الخبرين المتعادلين.
وثانيهما : الشك في خصوصياتها بعد تعيين أصل الوظيفة من كون الأخذ بدويا ، أو استمراريا.
__________________
(١) في البحار كانت العبارة هكذا : كتب أمير المؤمنين (ع) لمحمد بن أبي بكر لا تقض في أمر واحد بقضائين مختلفين فيختلف امرك ج ـ ١٠٤ ص ٢٧٦.
(٢ و ٣) الوسائل الجزء ١٨ ص ـ ٧٧ و ٨٧ (الرواية : ٦ و ٤٠).