فهذا الحديث الشريف يعطي قاعدة كلّية وهي : عموم الاستمرار بالنسبة إلى كلّ حكم فيكون هذه القاعدة مرجعا عند الشك في تحقّق النسخ لوضوح أنّه لا بدّ في تخصيصها من الاقتصار على ما علم نسخه شرعا.
فنقول فيما نحن فيه إذا دار الأمر بين نسخ دليل وارتكاب خلاف الظاهر في دليل آخر ، فعموم الحديث الشريف يأبى عن التخصيص بظاهره ، بخلاف ما اذا حملنا : اكرم ، على الاستحباب ، فلا يلزم تخصيص مع أنّ الأمر هنا دائر بين ارتكاب خلاف ظاهرين ، وارتكاب خلاف ظاهر واحد ، لأنّه على تقدير النسخ يلزم تخصيص هذا الحديث الشريف ، وصرف الدليل الظاهر في الاستمرار عن ظهوره ، بخلاف ما لو بنى على عدم النسخ ، فإنّه يلزم منه خلاف الظاهر في الدّليل الآخر فقط.
ولا ريب أن الثاني أولى وأرجح ، لوجوب المحافظة على الظواهر بحسب الامكان ، ولا يخفى الفرق بين هذا الوجه ، وبين ما ذكر من أن الذي تقدّم دليل اعتباري عقلي ، وهو قلة النسخ وهذا دليل لفظي لأن بالنسخ يلزم تخصيص حلال محمّد «ص» الخ.
(وفيه) من عدم افادة الحديث الشريف لذلك المعنى و (ان الظاهر سوقه لبيان استمرار احكام محمّد «ص» نوعا من قبل الله جلّ ذكره إلى يوم القيمة في مقابل نسخها) أي الاحكام (بدين آخر) يعني أنّ دين نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينسخ من قبل الله تعالى بدين آخر إلى يوم القيمة أي لا ينسخ حكمه بنبي آخر وبشريعة اخرى كما نسخ دين ساير الأنبياء عليهمالسلام (لا بيان استمرار احكامه الشخصيّة إلا ما خرج بالدليل فالمراد أنّ حلاله صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال) وممضي في الواقع (من قبل الله جلّ ذكره إلى يوم القيمة لا) بمعنى (أن الحلال من قبله «ص» حلال من قبله إلى يوم القيمة ، ليكون المراد استمرار حليته) فلا ينافي عدم استمرار بعض أحكامه صلىاللهعليهوآله