فنحكم بالحلية لأن الأصل ، وهو : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(١) موافق له وحينئذ يخرج عن فرض التكافؤ ويدخل في باب الترجيح بموافقة الأصل.
وعليه فيتعين العمل بالخبر الموافق للأصل فما وافق لاصالة الحلية يؤخذ به ، ويطرح الآخر (فلا بد من فرض الكلام فيما لم يكن أصل مع احدهما) أي أحد المتعارضين (فيتساقطان من حيث جواز العمل بكل منهما) أي الدليلين.
إذ : على السببية مقتضى الامتثال في كل منهما موجود ، بخلاف تعارض الطريقين ، فإن المصلحة الباعثة على جعله حجة ، هو الايصال إلى الواقع ، ولا يعقل في المتناقضين ، والمتضادين (لعدم كونهما طريقين كما أن) وجود المصلحة في أحدهما المعين واقعا لا يقتضي (التخيير) بل (مرجعه إلى التساقط من حيث وجوب العمل) بقول العدل مثلا.
(هذا) أي الذي قلنا من التساقط بالوجه المزبور (ما يقتضيه القاعدة) الأولية (في مقتضى وجوب العمل بالاخبار من حيث الطريقية ، إلا أن الأخبار المستفيضة) وهو عبارة عن ما فوق الواحد وما دون التواتر (بل المتواترة) الذي يفيد القطع (قد دلّت على عدم التساقط مع فقد المرجح).
نعم إذا كان لأحدهما مرجح ، فوجوب الترجيح إنما هو أصل ثانوي (وحينئذ) أي حين ما دلت الأخبار المستفيضة أو المتواترة على عدم التساقط عند فقد المرجح (فهل يحكم بالتخيير) كما عليه جمهور المجتهدين مستدلا بالأخبار المستفيضة الدالة على التخيير ، كما سيأتي (والعمل بما) أي بأحدهما الذي (طابق منهما الاحتياط) إن كان أحدهما مطابقا له ، كما إذا ورد خبر بوجوب السورة ، وورد آخر بعدم وجوبها ، فالاحتياط يقتضي إتيانها لا بقصد الجزئية الواجبة ، بل بقصد الجزئية المطلقة ، يعني سواء كان جزء مستحب ، أو جزء واجب (أو) العمل (بالاحتياط ، ولو كان) الاحتياط (مخالفا لهما كالجمع بين)
__________________
(١) البقرة : ٢٩.