دلالة مرسل الوصية لشريح (١) عليه المحتمل لإرادة بينة الجرح خاصة ، ولو سلم دلالته على ذلك فلا قائل به ، فلا يبعد إرادة الإمهال الذي لا يترتب عليه ذلك من التأجيل فيه بل وفي الخبر (٢) أو أن مراده الأجل لأجل التكفيل وإن قصرت العبارة عنه ، كما هو ظاهر النهاية ، قال : « وإن قال : لست أتمكن من إحضارها جعل معه مدة من الزمان ليحضر فيه بينته وتكفل بخصمه ، فإن أحضرها نظر فيها وإن لم يحضرها عند انقضاء الأجل خرج خصمه عن حد الكفالة ». فتأمل جيدا.
وأما ما ذكره من التردد في التكفيل فقد جزم هنا بعدمه ، فقال : ( وليس له ملازمته ) على وجه لا تجوز له بدون ذلك فضلا عن حبسه ( ولا مطالبته بكفيل ) وفاقا للمحكي عن أكثر المتأخرين ، بل عامتهم والإسكافي والشيخ في الخلاف والمبسوط والقاضي في أحد قوليه ، للأصل السالم عن معارض بعد عدم ثبوت الحق الذي لا معنى للعقوبة عليه قبله ، على أن الكفيل يلزمه الحق إن لم يحضر المكفول ، وهنا لا معنى له قبل إثباته ، بل لا معنى لكون حضور الدعوى وسماع البينة حقا يكفل عليه ، لأنه بعد الإتيان بالبينة إن كان حاضرا فذاك ، وإلا حكم عليه وهو غائب.
خلافا للمحكي عن الشيخين في المقنعة والنهاية والقاضي في أحد قوليه وابني حمزة وزهرة نافيا للخلاف فيه ظاهرا ، لقاعدة لا ضرر ولا ضرار ، فإنه قد يهرب المدعى عليه ، ولا يتمكن المدعي من تحصيل الحق ، فيجب حينئذ مقدمة ، للزوم مراعاة حق المسلم من الذهاب في نفس الأمر ، وبذلك ينقطع الأصل ، والالتزام بالكفيل أو الحبس وإن كان ضررا إلا
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب آداب القاضي ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب كيفية الحكم ـ الحديث ١.