روى أصحابنا عن الرضا ( عليه السلام ) ، قال : قال له رجل : أصلحك الله ، كيف صرت الى ما صرت اليه من المأمون ؟ وكأنّه انكر ذلك عليه ، فقال له أبو الحسن : « يا هذا ، أيّهما أفضل النبيّ أو الوصي ؟ فقال : لا ، بل النبيّ ، قال : فايّهما أفضل مسلم أو مشرك ؟ قال : لا ، بل مسلم ، قال : فان العزيز ـ عزيز مصر ـ كان مشركاً ، وكان يوسف ( عليه السلام ) نبيّاً ، وان المأمون مسلم وأنا وصيّ ، ويوسف سأل العزيز ان يولّيه حتى قال : ( اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (١) والمأمون اجبرني على ما أنا فيه » .
[ ١٥٠١٤ ] ٢ ـ الشيخ المفيد في الإِرشاد : أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمد قال : حدّثنا جدّي قال : حدّثني موسى بن سلمة قال : كنت بخراسان مع محمد ابن جعفر ، فسمعت انّ ذا الرئاستين خرج ذات يوم وهو يقول : وا عجباه ! وقد رأيت عجباً ، سلوني ما رأيت ، فقالوا : وما رأيت ، أصلحك الله ؟ قال : رأيت المأمون أمير المؤمنين يقول لعلي بن موسى ( عليهما السلام ) : قد رأيت ان اقلّدك امور المسلمين ، وافسخ ما في رقبتي واجعله في رقبتك ، ورأيت علي بن موسى ( عليهما السلام ) يقول : « يا أمير المؤمنين ، لا طاقة لي بذلك ولا قوّة » فما رأيت خلافة قط كانت اضيع منها ، انّ امير المؤمنين يتفصى (١) منها ويعرضها على علي بن موسى ( عليهما السلام ) وعلي بن موسى يرفضها ، ويأباها .
[ ١٥٠١٥ ] ٣ ـ وفيه مرسلا : وكان المأمون قد انفذ الى جماعة من آل أبي طالب ، فحملهم اليه من المدينة ، وفيهم الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) فاخذ بهم على طريق البصرة حتى جاء بهم ، وكان المتولي لاشخاصهم المعروف بالجلودي ، فقدم بهم على المأمون ، فانزلهم داراً ، وانزل الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) داراً ، واكرمه وعظّم أمره ، ثم انفذ اليه : اني اريد ان اخلع نفسي من الخلافة
_________________________
(١) يوسف ١٢ الاية ٥٥ .
٢ ـ ارشاد المفيد ص ٣١٠ .
(١) تَفَصّىٰ من الشيء : تَخَلَّص ( لسان العرب ج ١٥ ص ١٥٦ ) .
٣ ـ المصدر السابق ص ٣٠٩ .