فليكن في اثنتي عشر ليلة من الهلال ، الى خمس عشرة فانه اصح لبدنك ، فاذا انقضى الشهر فلا تحتجم الّا ان تكون مضطراً الى ذلك ، وهو لان الدم ينقص في نقصان الهلال ويزيد في زيادته ، وليكن الحجامة بقدر ما يمضي من السنين ، ابن عشرين سنة يحتجم في كلّ عشرين يوماً ، وابن الثلاثين في كلّ ثلاثين يوماً مرّة واحدة ، وكذلك من بلغ من العمر أربعين سنة يحتجم في كلّ أربعين يوماً ، وما زاد فتحسب ذلك .
واعلم ـ يا أمير المؤمنين ـ ان الحجامة انما تأخذ دمها من صغار العروق المبثوثة في اللحم ، ومصداق ذلك ما اذكره انّها لا تضعف القوّة كما يوجد من الضعف عند الفصد ، وحجامة النقرة تنفع من ثقل الرأس ، وحجامة الاخدعين تخفف عن الرأس والوجه والعينين ، وهي نافعة لوجع الاضراس ، وربّما ناب الفصد عن جميع ذلك ، وقد يحتجم تحت الذقن لعلاج القلاع (١) في الفم ، ومن فساد اللثة ، وغير ذلك من اوجاع الفم ، وكذلك الحجامة (٢) بين الكتفين ، تنفع من الخفقان الذي يكون من الامتلاء والحرارة ، والذي يوضع على الساقين قد ينقص من الامتلاء نقصاً بيّناً ، وينفع من الأوجاع المزمنة في الكلى ، والمثانة ، والارحام ، ويدرّ الطمث ، غير انّها تنهك الجسد ، وقد يعرض منها ( الغشي الشديد ) (٣) ، الّا انها تنفع ذوي البثور والدماميل ، والذي يخفف من ألم الحجامة تخفيف المصّ عند أوّل ما يضع المحاجم ، ثم يدرج المص قليلاً قليلاً ، والثواني ازيد في المصّ عن الأوائل ، وكذلك الثوالث فصاعداً ، ويتوقف عن الشرط حتى يحمر الموضع جيداً بتكرير المحاجم عليه ، ( ويلين الشراط ) (٤) على جلود ليّنة ، ويمسح الموضع قبل شرطه بالدهن ، وكذلك الفصد ويمسح الموضع الذي يفصد بدهن فانه يقلّل الألم ، وكذلك يليّن المشرط والمبضع بالدهن عند الحجامة ، وعند
_________________________
(١) القُلاع : من أمراض الفم والحلق ( لسان العرب ج ٨ ص ٢٩٣ ) .
(٢) في المصدر : « التي توضع » .
(٣) في نسخة : « الغشوة البدنية » .
(٤) في المصدر : « تلين المشرطة » .