وأما ما قد يقع من نحو قوله (١) :
نم وإن لم أنم كرّى كراكا
ونحو قوله (٢) :
لعاب الأفاعي القاتلات لعابه
مما لا يستقيم معناه ، إلا بالتقديم والتأخير ، فحقه الحمل على القلب المقدم ذكره فاعرفه.
واعلم أن القول بتعريف الحقيقة باللام واستغراقها مشكل ، إذا قلنا : المراد بتعريف الحقيقة القصد إليها وتمييزها من حيث هي هي ، لزم أن يكون أسماء الأجناس معارف ، فإنها موضوعة لذلك ، وإنه قول لم يقل به أحد ، ولئن التزمه ملتزم ليكذبن في امتناع ، نحو : رجع رجعي ، السريعة والبطيئة ، وذكر ذكري ، الحسنة ، أو القبيحة ، وإنما لم أقل رجوعا ، السريع ، وذكرا الحسن ، قصرا للمسافة في التجنب عن حديث التنوين ما هي.
ولئن ذهبت إلى أن في نحو : رجل ، وفرس ، وثور اعتبار الفردية ، فليس فيها القصد إلى الحقيقة من حيث هي هي ، ليلزمنك المصادر ، من نحو : ضرب وقتل وقيام وقعود ورجعى وذكرى فليس فيها ذلك بالإجماع ، ولزم أن يكون اللام في : الرجل ، أو نحو : الضرب لتأكيد تعريف الحقيقة ، إذا لم يقصد العهد ، وأنه قول ما قال به أحد ، وإذا قلنا : المراد بتعريف الحقيقة القصد إليها حال حضورها ، أو تقدير حضورها ، لم يمتر عن تعريف العهد الوارد بالتحقيق أو بالتقدير ؛ لأن تعريف العهد ليس شيئا غير القصد إلى الحاضر في الذهن حقيقة أو مجازا ، كقولك : جاءني رجل ، فقال الرجل كذا ، وقولك :
__________________
(١) الكرى : النوم. وقيل النعاس. والجمع أكراء وكرى الرجل ، بالكسر يكرى كرى إذا نام فهو كر وكرىّ وكريان.
(٢) البيت أورده محمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص (٥٩) وعزاه لأبي تمام. والقزويني في الإيضاح ص (١٦٥) وذكر تمام البيت
وأرى الجنى اشتارته أيد عواسل