وكذا قوله : (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ)(١) وقال تعالى : (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)(٢) وفي موضع آخر (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ)(٣) عدت الأنثى من الذكور ، بحكم التغليب ، وقال تعالى (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ)(٤) عدّ إبليس من الملائكة بحكم التغليب عد الأنثى من الذكور.
ومن هذا الباب قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)(٥) بتاء الخطاب ، غلب جانب (أنتم) على جانب (قوم) ، وكذا : (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(٦) فيمن قرأ بتاء الخطاب أي : أنت يا محمد ، وجميع المكلفين وغيرهم. وكذا : " يذرؤكم" في قوله تعالى (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ)(٧) خطابا شاملا للعقلاء والأنعام ، مغلبا فيه المخاطبون على الغيّب ، والعقلاء على ما لا يعقل ، ومنه قولهم : أبوان للأب والأم ، وقمران ، للقمر والشمس ، وخافقان ، للمغرب والمشرق.
وأما قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ)(٨) بلفظ : " إذا" مع" الضر" فللنظر إلى لفظ المس ، وإلى تنكير الضر ، المفيد في المقام التوبيخي ، القصد إلى اليسير من الضر ، وإلى الناس المستحقين أن يلحقهم كل ضرر ، وللتنبيه على أن مساس قدر يسير من
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية ٨٩.
(٢) سورة الأعراف الآية ٨٣.
(٣) سورة التحريم الآية ١٢.
(٤) سورة البقرة الآية ٣٤.
(٥) سورة النمل الآية ٥٥.
(٦) سورة النمل ، الآية ٩٣ ، وسورة هود ، الآية ١٢٣.
(٧) سورة الشورى ، الآية ١١.
(٨) سورة الزمر ، الآية ٨.