التحقيق البحت ، وتحكيم العقل الصرف (١) ، والتحرز عن شوائب الاحتمال. ومن آخر ريض (٢) لا يرتاض إلا بمشيئة خالق الخلق.
وقد ضمنت كتابي هذا من أنواع الأدب (٣) ، دون نوع اللغة ، ما رأيته لا بد منه ، وهي عدة أنواع متآخذة. فأودعته علم الصرف بتمامه ، وأنه لا يتم إلا بعلم الاشتقاق المتنوع إلى أنواعه الثلاثة ، وقد كشفت عنها القناع. وأوردت (٤) علم النحو بتمامه ، وتمامه بعلمي المعاني والبيان (٥). ولقد قضيت بتوفيق الله منهما الوطر ، ولما كان تمام علم المعاني بعلمي الحد والاستدلال ، لم أر بدا من التسمح بهما (٦) وحين كان التدرب في علمي المعاني والبيان موقوفا على ممارسة باب النظم وباب النثر ، ورأيت صاحب النظم يفتقر إلى علمي العروض والقوافي ، ثنيت عنان القلم إلى إيرادهما.
وما ضمنت جميع ذلك كتابي هذا إلا بعد ما ميزت البعض عن البعض ، التمييز المناسب ، ولخصت الكلام على حسب مقتضى المقام هنالك ، ومهدت لكل من ذلك
__________________
(١) كذا في (د) في (ط) (والصرف)
(٢) ريّض : الرّيض من الدوابّ والإبل ضدّ الذلول. كذا باللسان. مادة (روض).
(٣) علوم الأدب على ما ذكرها القدماء هى (اللغة ، والنحو ، والتصريف ، والعروض والقوافى وصنعة الشعر ، وأخبار العرب ، وأنسابهم.) (انظر الأشباه والنظائر في النحو للسيوطي : ٦).
(٤) في (د): (وواردت) وهو خطأ مخالف لباقى النسخ.
(٥) انظر كيف جعل علمي المعاني والبيان من تمام علم النحو ليكشف بذلك عن الغاية العظمى للإعراب وهي الوقوف على أسرار المعاني.
(٦) في الحقيقة أنه ما أفسد علم المعاني إلا إقحام علم الحد والاستدلال في منهج دراسته ، وصبغه بتلك الصبغة المنطقية الصارمة التي لولاها لكان للسكاكي على هذا العلم منة عظيمة ، وهو وإن كان له على المعانى يد لا تنكر إلا أنه قد انتقص من قدرها ذلك الجفاء المنطقي الصارم في منهج السكاكي في دراسة علوم البلاغة.