لهذا السؤال على سبيل الاستئناف ، وإياك أن ترى الفصل لأجل الوزن ، فما هو هناك ، وقوله (١) :
زعمتم أنّ إخوتكم قريش ... |
|
لهم إلف وليس لكم [إلاف](٢) |
لم يعطف : لهم إلف ، خيفة أن يظن العطف على : (أن إخوتكم قريش) ، فيفسد معنى البيت ، ولك أن تقول جاء على طريق الاستئناف قوله : لهم إلف وليس لكم إلاف
وذلك أنه حين أبدى إنكار زعمهم عليهم بفحوى الحال ، فكان مما يحرك السامعين أن يسألوا : لم تنكر فصل قوله : (لهم إلف) عما قبله؟ ليقع جوابا للسؤال الذي هو مقتضى الحال.
ومن أمثلة القطع للوجوب ، قوله عز من قائل : (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)(٣) لم يعطف : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) للمانع عن العطف ، بيان ذلك أنه لو عطف ، لكان المعطوف عليه : إما جملة (قالوا) وإما جملة (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) لكن لو عطف على : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) لشاركه في حكمه ، وهو كونه من قولهم ، وليس هو بمراد. ولو عطف على" قالوا" لشاركه في اختصاصه بالظرف المقدم ، وهو : (إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) لما عرفت في فصل التقديم والتأخير. وليس هو بمراد ، فإن استهزاء الله بهم ، وهو أن خذلهم فخلاهم ، وما سولت لهم أنفسهم مستدرجا إياهم من حيث لا يشعرون ، متصل في شأنهم لا ينقطع بكل حال ، خلوا إلى شياطينهم ، أم لم يخلوا إليهم ، وكذا قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ*
__________________
(١) أورده القزويني في الإيضاح (ص ٢٥٩) وعزاه للحماسيّ وإلالف : الذي تألفه. إيلاف : العهد والذمام.
(٢) من (غ). وفي (ط ، د): (الالف).
(٣) سورة البقرة الآيتان ١٤ ـ ١٥.