بالاختصاص ، وتجعل الموصول الثاني مبتدأ ، و" اولئك" خبره مرادا به التعريض لمن لم يؤمنوا من أهل الكتاب ، وستعرف التعريض ، جاعلا الجملة برأسها من مستتبعات" هدى للمتّقين" والفضل من هذه الوجوه لاستئناف : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ،) لجهات فتأملها.
وكذلك قوله عز من قائل : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)(١) فصل (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ) ليقع جوابا للسؤال الذي يقطر من قوله : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) وهو إي : والله ، نبئنا على أي مخلوق تتنزل؟
ومن الآيات الواردة على الاستئناف قوله تعالى : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ* قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ* قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ* قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ* قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ* قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ* قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ* قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ* قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(٢) فإن الفصل في جميع ذلك بناء على أن السؤال الذي يستصحبه تصور مقام المقاولة من نحو ، فماذا قال موسى؟ فماذا قال فرعون؟ وكذلك قوله : (قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ* قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ* قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ)(٣) الفصل بناء على ما ذا قال وما ذا قالوا؟ وكذلك قوله : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ* فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ* فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ
__________________
(١) سورة الشعراء الآيتان ٢٢١ ـ ٢٢٢.
(٢) سورة الشعراء الآيات : ٢٣ ـ ٣١.
(٣) سورة الأنبياء الآيات : ٥٣ ـ ٥٥.