وغير ذلك مما هو في هذا السلك منخرط.
ومن أمثلته لغير الاختلاف ، ما أذكره ، تكون في حديث ويقع في خاطرك بغتة حديث آخر لا جامع بينه وبين ما أنت فيه بوجه ، أو بينهما جامع غير ملتفت ؛ إليه لبعد مقامك عنه ، ويدعوك إلى ذكره داع ، فتورده في الذكر مفصولا ، مثال الأول : كنت في حديث مثل : كان معي فلان فقرأ ، ثم خطر ببالك أن صاحب حديثك جوهري ، ولك جوهرة لا تعرف قيمتها ، فتعقب كلامك أنك تقول : لي جوهرة لا أعرف قيمتها هل [أرينكها](١) ، فتفصل.
ومثال الثاني : وجدت أهل مجلسك في ذكر خواتم لهم ، يقول واحد منهم : خاتمي كذا ، يصفه بحسن صياغة ، وملاحة نقش ، ونفاسة فص ، وجودة تركيب ، وارتفاع قيمة : ويقول آخر : وإن خاتمي هذا سيىء الصياغة ، كريه النقش ، فاسد التركيب ، رديء في غاية الرداءة ، ويقول آخر : وإن خاتمي بديع الشكل ، خفيف الوزن ، لطيف النقش ، ثمين الفص ، إلا أنه وساع لا يمسكه أصبعي ، وأنت كما قلت : إن خاتمي ضيق ، تذكرت ضيق خفك ، وعناءك منه ، فلا تقول : وخفي ضيق ، لنبوّ مقامك عن الجمع بين ذكر الخاتم وذكر الخف ، فتختار القطع قائلا : خفي ضيق ، قولوا : ماذا أعمل؟ أو تكون في حديث قد تم ، ومعك حديث آخر بعيد التعلق به ، تريد أن تذكره ، فتورده في الذكر مفصولا ، مثلما تقول : كتاب سيبويه ، رحمهالله ، والله ، كتاب لا نظير له في فنه ، ولا غنى لامرىء في أنواع العلوم عنه ، لا سيما في الإسلامية ، فإنه فيها أساس ، وأي أساس. إن الذين رضوا بالجهل لا يدرون ما العلوم ، وما أساس العلوم. فتفصل : إن الذين رضوا بالجهل ... عما قبله ؛ لكون ما قبله حديثا عن كتاب سيبويه ، وأنه حقيق بأن يخدم ، وكون ما عقبته به حديثا عن الجهال ، وسوء ما أثمر لهم جهلهم ، وقوله عز اسمه : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)(٢) من هذا القبيل ، قطع : (إِنَ
__________________
(١) كذا في النسخ.
(٢) سورة البقرة الآية ٦.