وَيُؤْمِنُونَ بِهِ)(١) لو أريد اختصاره لما انخرط في الذكر" يؤمنون به" إذ ليس أحد من مصدقى حملة العرش يرتاب في إيمانهم.
ووجه حسن ذكره إظهار شرف الإيمان وفضله والترغيب فيه ، وقوله : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)(٢) ولو أوثر اختصاره فقوله : (" وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ") فضل في البين ، من حيث إن مساق الآية لتكذيب المنافقين في دعوى الإخلاص في الشهادة لترك ، ولكن إيهام رد التكذيب إلى نفس الشهادة ، لو لم يكن بهذا الفضل أبى الاختصار ؛ وما يحكيه عن موسى عليهالسلام : (هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) جوابا على قوله : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ)(٣) وكذا ما يحكيه (نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ) في الجواب عن قول إبراهيم (ما تَعْبُدُونَ)(٤) من باب الإطناب ، إذ لو أريد الإيجاز لكفى : (عصاي) ، و (أصناما) ، وقد سبق وجه الإطناب فيهما.
ومما يعد من الإطناب ، وهو في موقعه ، قول الخضر لموسى ، عليهالسلام ، في الكرة الثانية : (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ)(٥) بزيادة (لك) لاقتضاء المقام مزيد تقرير لما قد كان قدم له من (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)(٦) وكذا قول موسى عليهالسلام : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)(٧) بزيادة (لي) لاكتساء الكلام معها من تأكيد الطلب لانشراح الصدر ما لا يكون بدونه ، ألا تراك إذا قلت : اشرح لي ، أفاد أن شيئا ما عندك تطلب شرحه ،
__________________
(١) سورة غافر الآية ٧.
(٢) سورة المنافقون ، الآية ١.
(٣) سورة طه : ١٧.
(٤) سورة الشعراء الآية ٧٠.
(٥) سورة الكهف ، الآية ٧٥.
(٦) سورة الكهف الآيات ٦٧ و ٧٢ و ٧٥.
(٧) سورة طه ، الآية ٢٥.