التصديق بها : أحصل الانطلاق؟ : وأزيد منطلق؟ وفي طلب التصور بها في طرف المسند إليه : أدبس (١) في الإناء أم عسل؟ وفي طرف المسند : أفي الخابية (٢) دبسك ، أم في الزق (٣)؟ فأنت في الأول تطلب تفصيل المسند إليه ، وهو المظروف ، وفي الثاني تطلب تفصيل المسند ، وهو الظرف.
و (هل) : من النوع الثاني لا تطلب به إلا التصديق ، كقولك : هل حصل الانطلاق؟ و: هل زيد منطلق؟ ولاختصاصه بالتصديق امتنع أن يقال : هل عندك عمرو أم بشر؟ باتصال : أم ، دون : أم عندك بشر؟ بانقطاعها ، وقبح : هل رجل عرف؟ وهل زيد عرفت؟ دون هل زيدا عرفته؟ ولم يقبح : أرجل عرف؟ وأزيدا عرفت؟ لما سبق أن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل ، فبينه وبين (هل) تدافع ؛ وإذا استحضرت ما سبق من التفاصيل في صور التقديم ، عساك أن تهتدي لما طويت ذكره أنا.
ولا بد (لهل) من أن يخصص الفعل المضارع بالاستقبال ، فلا يصح أن يقال : هل تضرب زيدا وهو أخوك؟ على نحو : أتضرب زيدا وهو أخوك؟ في أن يكون الضرب واقعا في الحال ، ولكون (هل) لطلب الحكم بالثبوت أو الانتفاء ، وقد نبهت ، فيما قبل ، على أن الإثبات والنفي لا يتوجهان إلى الذوات ، وإنما يتوجهان إلى الصفات ، ولاستدعائه التخصيص بالاستقبال لما يحتمل ذلك ، وأنت تعلم أن احتمال الاستقبال إنما يكون لصفات الذوات لا لأنفس الذوات ؛ لأن الذوات من حيث هي هي ذوات ، فيما مضى ، وفي الحال وفي الاستقبال ، استلزم ذلك مزيد اختصاص لها دون الهمزة ، بما يكون كونه زمانيّا ، أظهر ، كالأفعال.
__________________
(١) الدّبس : عسل التمر وعصارته.
(٢) الخابية : الحبّ ، وهى الجرة العظيمة.
(٣) الزق : السقاء.