وبدا الصباح كأن غرّته ... |
|
وجه الخليفة حين يمتدح |
فإنه تعمد إيهام أن وجه الخليفة في الوضوح أتم من الصباح ، وكقوله (١) :
وكأن النجوم بين دجاها ... |
|
سنن لاح بينهنّ ابتداع |
فإن حين رأى ذوي الصياغة للمعاني شبهوا الهدى والشريعة والسنن وكل ما هو علم بالنور ؛ لجعل صاحبها في حكم من يمشي في نور الشمس ، فيهتدي إلى الطريق المعبد ، فلا يتعسف فيعثر تارة على عدو قتال ، ويتردى أخرى في مهواة مهلكة ؛ وشبهوا الضلالة والبدعة وكل ما هو جهل بالظلمة ، لجعل صاحبها في حكم من يخبط في الظلماء ، فلا يهتدي إلى الطريق ، فلا يزال بين عثور وبين ترد ، قصد في تشبيهه هذا تفضيل السنن في الوضوح على النجوم ، وتنزيل البدع في الإظلام فوق الدياجي ، وكقوله (٢) :
ولقد ذكرتك والظلام كأنه ... |
|
يوم النّوى ، وفؤاد من لم يعشق |
فإنه أيضا حين رأى الأوقات التي تحدث فيها المكاره وصفت بالسواد ، كقولهم : اسود النهار في عيني ، وأظلمت الدنيا علي ، جعل يوم النوى (٣) كأنه أعرف وأشهر بالسواد من الظلام فشبهه به ، ثم عطف عليه (فؤاد من لم يعشق) تطرفا ، فإن الغزل يدعي القسوة على من لا يعرف العشق ، والقلب القاسي يوصف بشدة السواد ، فنظمه في سلكه. وكقوله (٤) :
__________________
(١) أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص ١١٠ وعزاه للتنوخى ، وعبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة ص ١٨٣ ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١١٠ ، والقزويني في الإيضاح ص ٣٣٦.
(٣) أورده الرازي في نهاية الإيجاز ص ١٩١ وهو للعلوى الأصفهاني ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١١١ ، والقزويني في الإيضاح ص ٣٤٠ ، والعلوى في الطراز (١ / ٢٨٣) وفيه [انصياع بدلا من انتضاء].
انتضاء البدر : انكشافه وخروجه من الغيم.
(٢) أورده محمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص (١٧٦) وعزاه لأبي طالب الرقى ، وعبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة ص (١٨٥). النوى : البعد ، والتحول من مكان إلى مكان آخر.
(٣) أورده الرازي في نهاية الإيجاز ص ١٩١ وهو للعلوى الأصفهاني ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١١١ ، والقزويني في الإيضاح ص ٣٤٠ ، والعلوى في الطراز (١ / ٢٨٣) وفيه [انصياع بدلا من انتضاء].
انتضاء البدر : انكشافه وخروجه من الغيم.