فإنه شبه الصدغ والخلق بالمسك ، ثم فرق بين وجهي المشابهة كما ترى.
(ومنه الجمع مع التقسيم) : وهو أن تجمع أمورا كثيرة تحت حكم ثم تقسم ، أو تقسم ثم تجمع ، مثال الأول قول المتنبي (١) :
الدهر معتذر ، والسيف منتظر ... |
|
وأرضهم لك مصطاف ومرتبع |
للسّبي ما نكحوا ، والقتل ما ولدوا ... |
|
والنّهب ما جمعوا ، والنار ما زرعوا |
فإنه جمع في البيت الأول أرض العدو وما فيها في كونها خالصة للمدوح ، وقسم في الثاني. ومثال الثاني قول حسان ، رضياللهعنه (٢) :
قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... |
|
أو حاولوا النّفع في أشياعهم نفعوا |
سجيّة تلك منهم غير محدثة ... |
|
إنّ الخلائق ، فاعلم ، شرّها البدع |
فإنه قسم في البيت الأول حيث ذكر ضرهم للأعداء ونفعهم للأولياء ، ثم جمع في الثاني ، فقال : خ خ سجية تلك.
(ومنه الجمع مع التفريق والتقسيم) : كما إذا قلت (٣) :
فكالنار ضوءا وكالنار حرّا ... |
|
محيّا حبيبي وحرقة بالي |
فذلك من ضوئه في اختيال ... |
|
وهذا لحرقته في اختلال |
ولك أن تلحق بهذا القبيل قوله عز سلطانه : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ
__________________
(١) ديوان المتنبى ، شرح التبيان ، وذكر البيت الأول في ١ / ٤٢٥ والثاني ١ / ٤١٩ ، أورده العلوي في الطراز ٣ / ١٤٣ وعزاه للمتنبي.
(٢) حسان بن ثابت بن المنذر ... من الخزرج كان شاعر النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين دون منازع. عاش مائة وعشرين سنة ، وهو من الشعراء المخضرمين ، توفي سنة خمسين للهجرة بعد أن كف بصره بأخرة.
أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص ٢٤٩ وعزاه لحسان ، والعلوى في الطراز ٣ / ١٤٤.
(٣) لم أعثر عليه.