فتقول : أما البعضيان ؛ فقد عرفت أن لا سبيل إلى تناقضهما ، لتعذر الطريق إلى اتحاد المحكوم له فيهما باحتمال تغاير هو بين المبتدأين ، وأما الكليتان : فصحة اجتماعهما في الكذب لاحتمال اختصاص الصدق بغيرهما ، وهو اللاكل ، تسد الطريق إلى تناقضهما.
وأما المطلقتان العامتان : فلا سبيل إلى تناقضهما لتعذر الطريق إلى اتحاد المحكوم به فيهما ، لاحتمالهما اللادوام المصير لهما إلى البعض من الزمان ، المتعذر الاتحاد باحتمال تغاير هو بين البعضين ، فحال المطلقتين العامتين من جانب الخبر ، كحال البعضيتين من جانب المبتدأ ، فحيث عرفت أن البعضية لا ينقاضها إلا الكلية ، فاعرف أن المطلقة العامة لا ينقاضها إلا الدائمة. ومن هذا يتحقق أن قول من يقول بصحة تناقض المطلقتين مفتقر إلى تأويل ، ولعل المراد المطلقات اللفظية المستتبعة للدوام معنى ، كقولنا : خ خ كل إنسان حيوان أو خ خ ناطق أو خ خ ضحاك وما شاكل ذلك ، وأما الوجودية الدائمة وهي كقولنا : خ خ كل جسم ما دام موجود الذات قابل للعرض ، نقيضتها اللادائمة المحتملة للمخالف الدائم ، وهو [المنتقي](١) في جملة الأوقات. وللموافق اللادائم وهو المنتفي لا في جملتها. وأما العرفية العامة : وهي قولنا : خ خ كل إنسان حيوان ما دام إنسانا ، فحين قيد ثبوت الخبر بدوام الوصف ، وأطلق في جانب حقيقة المبتدأ ، وقد عرفت أن إطلاق الخبر في حق المطلق ، له حكم اللادائم ، فقد حصل الدوام مع الوصف ، واللادوام مع الذات. فيلزم في النقض : إما نفي الخبر مع الوصف ، أو اللادوام مع الذات فيلزم في البعض إما نفي الخبر عن حقيقة المبتدأ على الدوام ، أو نفيه عن الوصف لا على الدوام. وأما [الوجودية](٢) اللادائمة : وهي مثل قولنا : خ خ كل أبيض مفرق للبصر لا ما دام موجودا ، فحين أثبت فيها الخبر بقيد لا دوام الوجود وإطلاقه فيما عداه ، لزم في نقيضتها : إما النفي أو الإثبات الدائم. وأما العرفية الخاصة ، وهي كقولنا : خ خ كل أبيض مفرق للبصر لا ما دام موجودا بل ما دام أبيض ، فحين أثبت فيها الخبر بقيد لا دوام الوجود ودوام الصفة ، لزم في نقيضتها : إما النفي الدائم ، أو الإثبات
__________________
(١) في (ط) : المنفى.
(٢) في (د): (الموجودية).