الذي هو الطريق إلى المجاز فيما نحن فيه ، أدخل في المناسبة ، من تنزيل الأقل منزلة الكل في الثالث.
وأما المصير إلى فروع هذه الأصول عند البلغاء ، فمن باب الإخراج ، لا على مقتضى الظاهر بتنزيلها منزلة أصولها بوساطة جهة من جهات البلاغة ، قال تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ)(١) وقال : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ)(٢) بناء على التغليب فيهما ، وقال تعالى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)(٣) بتقدير حذف المضاف ، وهو إلا سلامة من أتى الله ، مدلولا عليه بقرائن الكلام ، منزلة السلامة المضافة منزلة المال والبنين ، بطريق قولهم : عتاب فلان السيف ، وأنيسه الإصداء.
وقوله (٤) :
واعتبوا بالصّيلم
ولك أن تحمل قوله : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ) على معنى : لا ينفع شيء ما ، حمل قولك : خ خ لا ينفع زيد ولا عمرو ، على معنى : خ خ لا ينفع إنسان ما. ويكون من منصوب المحل ، وقال القائل (٥) :
وبلدة ليس بها أنيس ... |
|
إلّا اليعافير وإلا العيس |
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٣٤ ؛ الإسراء : ٦١ ؛ طه : ١١٦ ؛ الكهف : ٥٠.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١٥٧.
(٣) سورة الشعراء ، الآيتان : ٨٨ ـ ٨٩.
(٤) البيت من الكامل وهو لبشر بن أبي خازم في ديوانه ص ٨٠ ولسان العرب (١ / ٥٧٨) (عتب) ، (١٢ / ٣٤٠) (صلم) ، وتهذيب اللغة (٢ / ٢٧٨) (١٢ / ١٩٩) ، وتاج العروس (٣ / ٣١١) (عتب) ، (صلم) وسمط اللآلى ص ٥٠٣.
(٥) البيت وهو لجران العود في ديوانه ص ٩٧ وخزانة الأدب ١٠ / ١٥ ـ ١٨ والدر (٣ / ١٦٢) ، وبلا نسبة في الإيضاح (٢ / ٤١٧) الأشباه والنظائر (٢ / ٩١) والإنصاف (١ / ٢٧١) ، المصباح (١٢٧) وخزانة الأدب (٤ / ١٢١ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ٧ / ٣٦٣ ، ٩ / ٢٥٨ ، ٣١٤) وشرح شذور الذهب ص ٣٤٤ ، ولسان العرب (٦ / ١٩٨) (كنس) ويروى بسابسا مكان وبلدة.