على معنى أنيسها اليعافير والعيس ، أي أنيسها ليسوا إلا إياها. وقال (١) :
وقفت فيها أصيلانا أسائلها ... |
|
أعيت جوابا ، وما بالربع من أحد |
إلا أوادي (٢) ... |
|
... |
أراد : إن كان الآدي يعد أحدا فلا أحد فيه بها إلا هو.
وكذا في الفرعين الآخرين فتأملهما ، فقد اطلعت على جهات البلاغات ، فلا تقل : خ خ اضرب قوما إلا عمرا ، إلا لإظهار كمال الإبقاء على عمرو ، فإن المبقي على الشيء ينزل البعيد من احتمالات ضرره منزلة أقربها ، أو لوجه آخر مناسب مستلزم لإيجاب الدخول في باب البلاغة ؛ ولا تنس قولي : في باب البلاغة ، وكذا لا تقل : لفلان علي ألف ألا تسعمائة وتسعة وتسعين ، إلا إذا أردت أن تنزل ذلك الواحد منزلة الألف لجهة من الجهات الخطابية ، وقد عرفتها.
ولامتناع كون الشيء غير نفسه لا تصحح استثناء الكل من الكل ، فلا تقل : لفلان علي ثلاثة دراهم إلا ثلاثة ، ولكن أردف الثاني ما يخرجه عن المساواة ، فقل ، إن شئت : لفلان علي ثلاثة دراهم إلا ثلاثة إلا اثنين إلا أربعة إلا واحدا ، فليلزم درهمان لنزول : علي ثلاثة إلا ثلاثة إلا اثنين منزلة : لفلان علي أربعة ، لوقوع الاثنين في درجة الإثبات لكونهما مستثنيين عن ثلاثة هي في درجة النفي ، لكونها في محل الاستثناء عن ثلاثة مثبتة.
وإن كان تحقيق استثنائها عندك موقوفا على تبين مقدار خروجها عن المساواة
__________________
(١) البيت من البسيط وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ١٤ ، والأغاني (١١ / ٢٧) والإنصاف (١ / ١٧٠) ، وخزانة الأدب (٢ / ١٢٢ ، ١٢٤ ، ١٢٦) (١١ / ٣٦) ، والدر ٣ / ١٥٩ وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٦٠ ، والإنصاف (١ / ١٧٠) ورصف المباني (ص ٣٢٤).
الرّبع : المنزل والدار بعينها ، لسان اللسان (ربع).
(٢) في (غ) : أوارى.