لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ) دون أن يقال : خ خ منا ، وحين أوثرت الغيبة هاهنا ، تعينت الحكاية في : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) ثم لما وفّى الكلام حقه في الاعتبارين ، رجع إلى الغيبة ، فقيل : (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) دون أن يقال : خ خ فأخذناهم ، لما كان في لفظة : خ خ الله هاهنا من زيادة المطابقة لموضعه ، ألا ترى أنه لو قيل : خ خ فأخذناهم ، لكان تابعا لقوله : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) وكان ظاهر الكلام : أن الآخذ هو المكذب بآياته. وحيث قيل : (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) تبع قوله : (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) فصار ظاهر الكلام أن الآخذ هو المكفور به. ففي الأول المأخوذ ، وصفه : مكذب بآيات الله ، وفي الثاني ، وصفه : كافر بالله. ولا شبهة أن الثاني آكد. ثم قيل : (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) وأريد تذييل الكلام طبق على لفظة خ خ الله فقيل : (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) وأما قوله في سورة الأنفال : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) فلم يقل : بآياتنا ، إذ لم يكن قبله ما يحتمل الحكاية ، مثل احتمال ما نحن فيه لها ، ألا ترى أنه ليس هناك إلا قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) ويكون (الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ)(١) كلاما مستأنفا ، مبنيا على سؤال مقدر ، كأنه قيل : ماذا يكون حينئذ؟ فقيل : الملائكة يضربون ، فلا يحتمل على هذا التقدير إلا الغيبة. وهو : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا)(٢) به ، وإنما يحتمل الحكاية على التقدير الآخر في أحد الوجهين ، فلا يخفى ضعفه ، فلضعف احتمال الحكاية تركت ، وبني الكلام على الغيبة ، وأما اختيار لفظة : خ خ كفروا على لفظ : خ خ كذبوا ، فلأن الآية ، وهي : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ)(٣) لما أعيدت ، دلت إعادتها على أن المراد التأكيد لبيان قبح حالهم ، فكان التصريح بالكفر أوقع. ولما صرح بالكفر ، بعد التأكيد بالإعادة ، لا جرم أكد الكلام بعد ذلك ، فقيل : (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٤) وأما قوله تعالى ثالثا : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ
__________________
(١) سورة الأنفال ، الآية : ٥٠.
(١) سورة الأنفال ، الآية : ٥٠.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١١٠.
(٣) سورة الأنفال ، الآية : ٥٢.