وإما أن تورث من حيث هي هي ترددا ، إما لاجتماعها على سبيل التعاند مثل أصلي التاء في ترتب وتتفل بالفتح والضم ، أو على سبيل الدور مثل الأصلين في نحو : محبب وموظب ومكوزة (١) ومريم وأيدع وأوتكي وحومان ، وما جرى مجراها ، فيقع عنان الحكم في يد الترجيح ، اللهم إلا عند الإعواز ، فيحام حول الخيرة إذ ذاك. والقانون عندي في باب الترجيح ههنا هو اعتبار شبهة الاشتقاق ابتداء ، ثم من بعد اعتبار الكلي من هذه الأصول ، ثم إن وجد تعارض في النوعين ، اعتبار اللواحق ، وأعني بقولي ههنا أن المنظور فيه ليس يرجع إلى اشتقاقين رجوع أرطى (٢) حيث يقال : بعير آرط وراط ، وأديم مأروط ومرطي ، وشيطان حيث يعتزى إلى أصلين يلتقيان به وهما ش ، ط ، ن. وش ، ي ، ط. فإن الترجيح في مثل هذا عند أصحابنا ، رحمهمالله ، بالتفاوت في وضوح الاشتقاق وخفائه ليس إلا ، ونحن نستودع هذا الفصل من الأمثلة على اختصار ما يورثك ، بإذن الله تعالى ، كيفية التعاطي لهذا الفن ، جاذبا بضبعك (٣) فيما أنت من تمام تصوره بمنزلة ، ثم نحيل باقتناص غايات المرام إذا رأيناها قد أعرضت لك ، مما فعلنا بك على صدق همتك في السعي لما يعقب ذلك.
أما الترجيح بشبهة الاشتقاق ، فكالقضاء في نحو : موظب ومكوزة ومحبب للواو ، والمكرر بالأصالة دون الميم على ارتكاب الشذوذ عما عليه قياس أخواتها من الكسر والإعلال والإدغام لما يوجد من وظ ب ، وك وز ، وح ب ب في الجملة دون م ظ ب ، وم ك ز ، وم ح ب ، وأنا إذا قضيت لمريم وياجج بمفعل ويفعل ، ولترتب وتتفل في اللغتين بزيادة التاء ، ولإمرة بفعلة ولعزويت (٤) بفعليت ، دون فعليل أو فعويل قضيت لهذا. وأما الترجيح بالكلي فكالقضاء بزيادة تاء ترتب وتتفل بدون اعتبار شبهة
__________________
(١) المكوزة : الرأس الطويل ، ومكوزة اسم.
(٢) الأرطي : شجر ينبت في الرمل.
(٣) جذب بضبعه : أعانه وقواه.
(٤) عزويت : حي من الجن ، موضع.