المعين علة لعلية تلك العلة ، بدليل دورانها معه وجودا وعدما ، فيلزم من وجود ذلك الخطور وجود معلوله لامتناع انفكاك العلة التامة عن معلولها ، ومعلوله عليه تلك العلة ، وعليه الشيء وصف له ، وتحقق وصف الشيء المعين يستحيل بدون تحقق ذلك الشيء ، فيلزم من وجود ذلك الخطور المعين ، وجود تلك العلة المعينة ، فيلزم من مشاركة النقيض النقيض في الخطور ، مشاركته إياه : إما في علة الوضع ، أو [علة](١) علة الوضع ، وعلى الاحتمالين يلزم مشاركته إياه في الوضع. هذا ما يليق بهذا الأصل من التقرير.
ولنرجع إلى المقصود ، ونظير الحيوان والجولان الصوري وأخواتها ، وكذا دن نحو القود والحركة لمانع أيضا ، وهو آخر الوجوه ، وإنه قريب مما تقدم وهو نقض الغرض فيما أريد به من التنبيه على الأصل ، وفي مساق الحديث في هذا الفصل ما يدل على قول أصحابنا من أن الفعل أصل في الإعلال ، فتنبه.
والنوع الثاني من الإعلال فرع على ما تقدم ، وهو أن يعل ، وإن فات شيء من المذكور ، كفوات تحرك ما قبل المعتل ، وهو الغالب على هذا النوع ، أو فوات ما بعد المعتل غير مدة ، لتفرعه على ما هو أصل في الإعلال ، وهو الثلاثي من الأفعال المجرد صورة ومعنى ، نحو : قال وباع دون أقال ؛ ونحو عور ، وذلك نحو : يخاف وأقام واستقام ومقام بالفتح ومقام بالضم ، أعلت مع فوات حركة ما قبل المعتل ؛ إذ الأصل فيها يخوف وأقوم واستقوم ومقوم ومقوم بسكون ما قبل المعتل ؛ كما يظهر لك ، بإذن الله ، دون أعين وأدور وأخونة وأعينة ، وكذا [دون](٢) نحو : أبيض وأسود وما انخرط في سلكها ، لتفرع الأول على الأسماء ، والثانية على باب أفعال.
وتمام الحديث ينبهك على شأنه ، وهذا ، أعني التفرع على الفعل الثابت القدم في الإعلال ، هو الأصل عندي في دفع ماله مدخل في المنع عنه ، كسكون ما قبل المعتل من
__________________
(١) من (د) و (غ). وسقطت من (ط).
(٢) في (د): (دن).