ثالثها: أن الأصل (١) (*)
______________________________________________________
تأسيس الأصل
(١) بعد أن أثبت في الأمرين الأولين إمكان حجية الأمارة ذاتاً ووقوعاً صار بصدد بيان مقتضى الأصل في الشك في الحجية ، وقبل الخوض في بيانه لا بأس بالتنبيه على أمرين.
أحدهما : أن الحجية شرعاً على قسمين : الأول : الحجية الإنشائية.
الثاني : الحجية الفعلية وهي العلم بالحجية الإنشائية.
ثانيهما : أن الآثار الشرعية أو العقلية تترتب تارة على نفس وجود الشيء واقعاً ، عَلِم به العبد أم لم يعلم به ، وأخرى تترتب على وجوده العلمي أي بوصف
__________________
للذات بلا قيد ، فالواقعي موجود في ظرف الشك الّذي هو موضوع الظاهري ، فالوجه المزبور الّذي مرجعه إلى منع تضاد الأحكام ذاتاً في مرحلة الجعل لا يجدي في دفع التنافي بين الحكم الواقعي والظاهري ، لعدم صحته في نفسه.
ومنها : اختلاف الحكم الواقعي والظاهري سنخاً ، فلا يكون اجتماعهما من اجتماع الضدين والمثلين ، فان ضد الوجوب الواقعي هو الحرمة الواقعية لا الظاهرية ، ولعل هذا الوجه مراد من جمع بين الحكم الواقعي والظاهري باختلاف المحمول.
وفيه : أن اختلافهما انما هو من ناحية الموضوع ، حيث ان موضوع الحكم الظاهري هو الشيء المشكوك حكمه ، وموضوع الحكم الواقعي هو ذات الشيء بلا قيد ، وأما المحمول فهو في كليهما واحد ، فان الطهارة والحلية مثلا لم تستعملا الا في معنى واحد سواء كانتا واقعيتين أم ظاهريتين.
(*) لا يخفى أن شيخنا الأعظم (قده) جعل هذا الأصل بمعنى القاعدة