بعض مباديه (١) غالباً يكون وجوده بالاختيار ، للتمكن من عدمه بالتأمل فيما يترتب على ما عزم عليه (٢) من تبعة العقوبة واللوم والمذمة ـ يمكن أن يقال (٣):
______________________________________________________
التأمل فيما يترتب عليه من التبعات ، وفي عدم القدرة على الفسخ لشدة ميله إلى الفعل بحيث لا يلتفت إلى تبعاته ، أو لا يعتني بها ، والمؤاخذة تحسن على الاختياري منه دون الاضطراري.
وبالجملة : فالمتجري والمنقاد انما يعاقب ويثاب على بعض مقدمات الاختيار من الجزم والقصد ، لا على نفس العمل.
(١) أي : مبادئ الاختيار ، وضميرا «وجوده ، عدمه» راجعان إلى «بعض مباديه» المراد به الجزم والقصد.
(٢) هذا الضمير راجع إلى الموصول في قوله : «على ما عزم» و «من تبعة» بيان للموصول في قوله : «فيما يترتب».
(٣) هذا إشارة إلى الوجه الثاني وهو الجواب النقضي ، وحاصله يرجع إلى منع قبح استحقاق العقاب على ما لا يرجع إلى الاختيار ، وتوضيحه : أن استحقاق العقوبة من تبعات بُعد العبد عن مولاه ، وهذا البعد معلول للتجري كما في المعصية الحقيقية ، فان حسن المؤاخذة فيها معلول للبعد الناشئ عن العصيان الّذي لا يكون اختيارياً ، حيث انه عبارة عن المخالفة العمدية ـ كما ذكره في حاشيته على المقام ـ والعمد ليس باختياري ، بل الاختياري هو نفس المخالفة التي لا يترتب عليها استحقاق العقوبة.
وبالجملة : فالعقاب في كل من التجري والمعصية معلول للعبد المعلول لإرادة المخالفة والطغيان ، وهي تنشأ عن العزم المعلول للجزم الناشئ من