ومنها : آية الكتمان : «ان الذين يكتمون ما أنزلنا» (١) الآية (*)
______________________________________________________
الالتزامية ، لأن الاخبار عن الملزوم ـ وهو الوجوب أو الحرمة ـ اخبار التزاماً عن اللازم وهو استحقاق العقوبة على المخالفة لكنه أخص من المدعى ، وهو حجية الخبر مطلقاً سواء كان مفاده حكماً إلزامياً أم غيره ، ومن المعلوم أن الرواية التي لا تتضمن حكماً إلزامياً ليس فيها اخبار عن العقاب حتى يكون إنذاراً. أو إشارة إلى : أن وجوب الحذر مترتب على الإنذار الواجب ، لا على مجرد صحة الإنذار ، ومن المعلوم عدم وجوب الإنذار على الرّواة من حيث انهم رواة كعدم وجوبه على نقلة الفتاوى ، والمفروض وجوب الحذر في خصوص ما إذا وجب الإنذار ، دون ما إذا صح وان لم يكن واجباً.
__________________
(*) الحق أجنبية هذه الآية الشريفة عما نحن فيه ، لوجهين :
أحدهما : أن مورد الآية هو نبوة نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن المعلوم عدم حجية خبر الواحد فيها لكونها من أصول الدين ، فلا ربط لها بالفروع ، فالتعدي عن مورده إلى الفروع بلا وجه ، ولو بني على التعدي فلا يتعدى الا إلى مثلها مما هو من أصول الدين.
ثانيهما : أن حرمة الكتمان عبارة أخرى عن حرمة الإخفاء ، فيجب إظهار ما ليس بظاهر وأما إذا كان واضحاً وظاهراً كالمقام لقوله تعالى : «من بعد ما بيناه للناس» فالمراد بالكتمان حينئذ هو إبقاء الواضح على حاله ، وعدم بيانه اتّكالا على وضوحه ، لا أن المراد بالكتمان ترك إظهار الشيء الخفي كما في آية كتمان النساء لما خلقه الله في أرحامهن.
وبالجملة : فعلماء اليهود كتموا ما كان ظاهراً ومبيناً في التوراة من علائم نبوة نبينا وصفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم بحيث لو لم يكتموه لظهر الحق
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٥٩.