وبالجملة (١) : ليست المفسدة ولا المنفعة الفائتة اللتان في الأفعال وأنيط بهما الأحكام بمضرة (٢) ، وليس مناط حكم العقل بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة من (٣) الأفعال على القول باستقلاله
______________________________________________________
(١) هذا حاصل ما ذكره في الوجه الأول ومزيد توضيح له ، فكان المناسب بيانه قبل قوله : «مع منع كون ...» وتوضيحه : أنه ليس ملاك حكم العقل بحسن شيء أو قبحه هو كونه ذا نفع عائد إلى الفاعل أو ضرر وارد عليه ، بل ملاك حكمه بهما أعم من ذلك ، فعلى القول باستقلال العقل بالحسن والقبح لا يتوقف حكمه بهما على النّفع والضرر الشخصيين ، بل يكفي في اتصاف الفعل بالحسن والقبح المصلحة والمضرة النوعيتان كما لا يخفى.
(٢) خبر «ليست المفسدة».
(٣) بيان للموصول في الموضعين.
__________________
العدلية تابعة للمصالح والمفاسد التي تكون في نفس المأمور بها والمنهي عنها ، لا المصالح في نفس الأمر والنهي ، إلّا أن مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبيّ أو التحريمي لا يوجب ظنا بالضرر».
نعم في ذيل عبارته احتمل عدم تبعية الأحكام لهما ، قال : «مع احتمال عدم كون الأحكام تابعة لهما ، بل تابعة لما في أنفسها من المصلحة ، فلا يكون حينئذ ظن بهما أيضا ... إلخ».
ثم ان قيام المصلحة بنفس الأمر دون المتعلق يتصور تارة بقيامه بامتثال المأمور به وأنه منقاد لأمر مولاه أم لا ، وأخرى بقيامه بفعل الآمر ، كالمصلحة في تشريع الأحكام وإتمام الحجة على العبد بقطع عذره الجهلي. والظاهر أن مراده القسم الثاني لا الأول.